للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لإهلاكها «وَما يَسْتَأْخِرُونَ» ٤٣ عنه لحظة واحدة «ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا» واحدا بعد واحد متتابعين غير متواصلين إذ جعلنا بين كل رسول وآخر فترة، بأن كان إرسال كل رسول متأخرا عن إنشاء قرن مخصوص به كما يدل عليه قوله «كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً» بالإهلاك «وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ» لمن بعدهم يتسامرون بشأنهم «فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ» ٤٤ بالله ولا يصدقون رسله «ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ» ٤٥ واضح بقوة وحجة وبرهان عظيم

«إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَاسْتَكْبَرُوا» عليهما وأنقوا منهما وتعاظموا «وَكانُوا قَوْماً عالِينَ» ٤٦ بزعمهم على غيرهم وذى سلطان أكبر من غيرهم «فَقالُوا» على طريق الاستفهام الإنكاري «أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ» ٤٧ أي كيف يكون ذلك وهل يتبع الأعلى الأدنى منه؟ كلا، وهذه الجملة حالية، وكان عندهم أن كل من دان لملك فهو عابد له، وعند العرب كذلك «فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ» ٤٨ غرقا، وتقدمت قصص هؤلاء الأنبياء مع أقوامهم، وكيفية دعوتهم وإهلاكهم في الآية ٥٩ فما بعدها من سورة الأعراف ج ١ فراجعها، «وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ لَعَلَّهُمْ» أي قومه «يَهْتَدُونَ» ٤٩ فمنم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة «وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً» دالة على قدرتنا لأنا أوجدناه من غير أب، ولم يقل آيتين للسبب الذي أشرنا إليه في الآية ٩١ من سورة الأنبياء المارة، ولما عرب هو وأمه إلى مصر خشية تسلط أعدائه عليه حفظناهما منهم «وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ» مكان مرتفع في مصر قرب النيل.

[مطلب هجرة مريم بعيسى عليهما السلام إلى مصر، وأن الذي أمر الله به الأنبياء أمر به المؤمنين، وأن أصول الدين متساوية:]

وذلك أنه عليه السلام بعد أن أتت به أمه من بيت لحم محل ولادته إلى قريتها الناصرة وأظهر الله له المعجزات، كان الجبار هيدروس أمر بقتل الأطفال الذين ولدوا في بيت لحم، لما أخبر أن منهم من يصير سببا لخراب ملكه، كما فعل قبله

<<  <  ج: ص:  >  >>