للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شكرا لما أولاك من النعم وتأهيلك لتلقي وحي ربك الكريم. قال بعض الصوفية أعلى مراتب العلم حق اليقين كعلم العاقل بالموت إذا ذاقه، ودونه عين اليقين كعلمه بالموت عند معاينة ملائكته، ودونه علم اليقين كعلمه بالموت في سائر أوقاته، وقدمنا ما يتعلق بهذا في الآية ٩٥ من سورة الواقعة والآية ٢٠٣ من سورة الأعراف في ج ١. هذا والله أعلم، وأستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم.

[تفسير سورة المعارج عدد ٢٩ و ٧٩ و ٧٠]

نزلت بمكة بعد الحاقة، وهي أربع وأربعون آية، ومئتان وأربع وعشرون كلمة، وتسعمئة وتسعة وعشرون حرفا. وتسمى سورة المواقع. ولا يوجد سورة مبدوءة بما بدئت به ولا مثلها في عدد الآي.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قال تعالى: «سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ» ١ لما خوف حضرة الرسول قومه بعذاب الله وعظمه أمامهم إذا هم لم يؤمنوا ويكفوا عما يصمونه به من الشعر والكهانة المشار إليهما في السورة المارة، ولهذه المناسبة قد نزلت هذه بعدها، لأن ما بين كل سورة وأخرى لا بد من وجود مناسبة.

[مطلب اليوم مقداره خمسين ألف سنة ما هو وما هي:]

قال بعضهم لبعض ما هو العذاب الذي يهددنا به ولمن يكون يا ترى، وهل يمكن الاتقاء منه أم لا؟ فأنزل الله هذه السورة معلنا أنه «لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ» ٢ إذا وقع لأنه «مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ» ٣ المصاعد والمراقي التي تصعد عليها الملائكة إلى السماء، فلو كان من غيره لأمكن أن يكون له دافع، أما هو فلا، كيف وهو الذي «تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ» جبريل عليه السلام وخصه بالذكر مع أنه داخل مع الملائكة لشرفه وفضله عليهم أجمع «إِلَيْهِ» جل شأنه على تلك المعارج «فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ» ٤ من سني الدنيا بحيث لو صعد غير الملك من منتهى أسفل الأرض إلى غاية علو تلقي أمر الله تعالى لما وصل

<<  <  ج: ص:  >  >>