رحمهما الله، في كل ما كان من شأنه أن يعد كرامة أو خارقا للعادة، على ان انكار هذا قد يؤدي إلى انكار انشقاق القمر وما وقع في الإسراء والمعراج وأن ما أورده من الطعن فيه هو ذاك لا غير فراجعه في أوائل سورة القمر المارة لينشرح صدرك وتتيقن مغالاة النافين له، هذا وما جرينا عليه في تفسير هذه الآية أولى من التفسير بخلافه لأن ظاهر الآية يؤيده وسياق التنزيل يؤكده وهدف العقل يأبى غيره. ثم ان بعض المفسرين أعاد ضمير (توارت) إلى الخيل وهو غير وجيه، ولا يستحسن عود ضميرين إلى كلمة واحدة إذ يصير المعنى حتى توارت الخيل رودا على الخيل وان صاحب هذا القول يعبّر عن الحجاب بالاصطبل، قال الإمام الرازي في تفسيره:
احتاج سليمان عليه السلام الى الغزو فجلس وأمر بإحضار الخيل وإجرائها أمامه حتى غابت الشمس عن بصره، ثم أمر برد الخيل اليه، وهو قوله تعالى (رُدُّوها عَلَيَّ) فلما عادت طفق يمسح سوقها وأعناقها تشريفا لها لكونها عونا في دفع العدو، وليظهر للناس حيطته لسياسة الملك، حتى انه يباشر هكذا أمرا بنفسه، وانه عالم بأحوال الخيل وأمراضها وعيوبها، وقال هذا التفسير ينطبق على لفظ القرآن. على ان مسح تأتي بمعنى ضرب في اللغة الفصحى وعليه يكون ما مشينا عليه من تأويل المسح بالضرب لا يخالف ظاهر القرآن الذي جعلناه أساسا في تفسيرنا هذا وبعض المفسرين أعاد ضمير (رُدُّوها) إلى الملائكة أي ردوا عليّ الشمس أيها الملائكة لأصلي العصر مستدلا بما جاء عن علي كرم الله وجهه أنه قال معنى ردوها علي يقوله للملائكة الموكلين بالشمس ردوها عليّ بأمر الله، فردوها حتى صلّى العصر بوقتها، على أنه لو كان لهذا القول صحة لقال سليمان لرب الملائكة لأنه أعلى رتبة منهم، وأقدم عند ربهم فكان الأجدر أن يخاطب ربه لا الملائكة فضلا عن انه لم يسبق ذكر للملائكة حتى يعود الضمير إليهم.
[مطلب قصة سليمان عليه السلام:]
وقال القصاص والأخباريون: إن سليمان عليه السلام غزا أهل دمشق ونصيبين فأصاب ألف فرس وصلّى الظهر وقعد على كرسيه واستعرضها فعرض له تسعمائة رأس ثم تنبه لصلاة العصر عند غروب الشمس، ولم يقدر أحد من رجاله أن يعلمه