حقارتهم وهي بكسر الجيم والتاء ويجوز ضم الجيم «ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ» طائفة غارية من الكفار «أَيُّهُمْ» كان في الدنيا «أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا» ٦٩ جرأة وتمردا وفجورا فنطرحهم فيها الأعتى فالأعتى على الترتيب الأكبر جرما والأشد كفرا. وإنما خصّ اسم الرحمن دون سائر أسمائه الحسنى في هذه الآية والآيات المتقدمة إعلاما بأنه لا ينبغي أن يغرّ الكافر برحمته تعالى، لأن من حل عليه قضاؤه المبرم بالعذاب لا تشمله الرحمة. ومن درى أن الرحمة مقيدة بشروط والمغفرة أيضا كما هو مصرح في الآيات الكثيرة من هذا القرآن العظيم، إذ لا تجد رحمة أو مغفرة مطلقة من قيد أو شرط لم يغتر بذكرها، بل عكف على عبادة ربه وطاعته وجعل في قلبه معنى أسمائه المنتقم أيضا، والمذل المهيمن، الحكم العدل، الجبار القهار، قال تعالى «ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا» ٧٠ من غيرهم فقدمه على غيره بالإحراق فيها، وهذه الآية المدنية الثانية،
قال تعالى «وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها» وأصلها ومقرّب إليها.
[مطلب معنى الورود وأن مرتكب الكبيرة لا يخلد بالنار:]
واعلم أن الورود موافاة المكان، وقال أكثر المفسرين إنه بمعنى الدخول، وأنكره ابن الأزرق، وأقسم ابن عباس بأنّه سيدخلها هو وهذا المنكر، وقال أرجو أن يخرجني بتصديقي، وما أراه يخرجك بتكذيبك. واحتج بالآية ٩٨ من سورة الأنبياء في ج ٢ وهي (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ) إلخ والآية ١٩ من سورة هود في ج ٢ أيضا وهي (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ) إلخ.
وحجة ابن الأزرق بهاتين الآيتين أيضا، ولكن المتعارف أن الورود غير الدخول، قال في القاموس: الورود الإشراف على الماء دخله أو لم يدخله، ففارق معنى الدخول من الجهة الثانية «كانَ» ذلك الورود إلى جهنم لكل من البشر كما أقسم الله تعالى «عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا» ٧١ لازما مبرما حقا. قال بعض المفسرين إن في هذه الآية معنى القسم، وهي كذلك، ولكن بقطع النظر عما قبلها،