لا يجوز عليه السهو والنسيان والغفلة، كيف وهو مدبر الكون كله بما فيه فلا تقع حركة ولا سكون فيه إلا بعلمه وأمره وقضائه وقدره، ولذلك فلا نقدر أن نزورك إلا بالوقت الذي يأمرنا به «فَاعْبُدْهُ» يا أكرم الرسل حق عبادته جهد قدرتك «وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ» وتحمل مشاقها ومكارهها في القر والحر، والراحة والتعب، والضيق والسعة، والرضاء والغضب، والصحة والمرض حتى العطب، وأنظر «هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا» ٦٥ فيما سبق سمّي باسمه، كلا ولا يسمى بعد، والحمد لله الواحد الأحد الذي ليس كمثله شيء وهو الرب العظيم والإله الكبير المنفرد بأسمائه وصفاته، ويطلق السمي على الولد قال الشاعر:
أما السّميّ فأنت منه مكثر ... والمال مال يغتدى ويروح
وليس مرادا هنا لأن السّميّ غير المسمى قال تعالى «وَيَقُولُ الْإِنْسانُ» قيل المراد به أميّة ابن خلف الجمحي لأنه قال ما يأتي في هذه الآية استهزاء، واللفظ عام واللام للجنس، فيشمل كل من يقول هذا القول لأن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب، ومقول القول «أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا» ٦٦ استفهام إنكار على طريق الاستبعاد للبعث الذي أخبر به الله وتكذيبا لرسوله الذي يهددهم به وسخرية بهما قال تعالى «أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ» المذكور آنفا «أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ» الحالة التي هو فيها «وَلَمْ يَكُ شَيْئاً» ٦٧ فيستدل هذا الخبيث بالخلق الأول على الثاني، لأن من قدر على الإيجاد أولا لا يعجز عن الإعادة لما أوجده ثانيا بل هي أيسر، ثم أقسم بنفسه عزت نفسه فقال «فَوَ رَبِّكَ» يا حبيبي لنحيينّهم مرة ثانية ثم «لَنَحْشُرَنَّهُمْ» والكافرين أمثالهم، وجملة الجاحدين لما أخبرنا به «وَالشَّياطِينَ» أيضا معهم لأن لكل كافر قرينا من الشياطين يحشر معه مقرونا به «ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا» ٦٨ قاعدين على ركبهم لشدة ما يدهمهم من هول المطلع وموقف الحساب، قال تعالى:(وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً الآية ٢٥ من سورة الجاثية في ج ٢) خائفة مترقبة ما يؤل إليه حالها ثم إن الكفرة يساقون على حالتهم تلك أذلاء مهانين لأن قعودهم على هذه الصفة دليل على