للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلهُكُمْ واحِدٌ»

فرد صمد لا شريك له ولا مثيل ولا ضد ولا ند ولا نظير «وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ» ٤٦ مطيعون منقادون له وحده، وفي هذه الجملة تعريض لهم باتخاذهم أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله «وَكَذلِكَ» مثل ما أنزلنا على غيرك من الأنبياء كتبا «أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ» القرآن الذي منه هذه الآية الناطقة بما ذكر «فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ» قبلك من الطائفتين المذكورتين العالمين العاملين المصدقين فيهما كما أنزلناهما «يُؤْمِنُونَ بِهِ» بالقرآن المنزل عليك لأنه جاء مصدقا لما فيهما، وهذا خاص بخواصهم الحريّين بأن ينسب إليهم إيتاء الكتاب، كعبد الله بن سلام وأصحابه المنصفين، ولا يقال على هذا التفسير تكون الآية مدنية، لأن عبد الله بن سلام أسلم بعد الهجرة بكثير، بل الآية مكية على ما سمعت، والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها، فإن إيمانهم به ترتب على إنزاله على الوجه المذكور، وفيها إعلام من الله تعالى بإسلامهم في المستقبل، لقوله تعالى (يُؤْمِنُونَ بِهِ) ولم يقل آمنوا ليتحمل ذلك القول ويحتج به قائله، تدبر.

«وَمِنْ هؤُلاءِ» قومك أهل مكة ومن حولها الذين رغبوا بإخراجك وعنك وأحبوا قتلك «مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ» أيضا فكن مطمئنا بذلك يا سيد الرسل، إذ ترى ما تقرّ به عينك «وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا» هذه المنزلة عليك في هذا الكتاب «إِلَّا الْكافِرُونَ» ٤٧ بجميع الكتب لأن الجحود لا يكون إلا بعد المعرفة ولهذا شنع عليهم وسماهم كافرين لتوغلهم بالكفر وإصرارهم عليه وتصميمهم على تكذيبك، قال الراغب صاحب السفينة: الجحد نفي ما في القلب ثباته، وإثبات ما في القلب نفيه. وهذه الآية عامة في كل من هذا شأنه، وما قيل إنها في حق كعب بن الأشرف وأصحابه لا يصح، لأن الآية مكية، وأولئك بالمدينة، على أنهم يدخلون في مضمونها.

مطلب هل تعلم النبي صلّى الله عليه وسلم الكتابة والقراءة أم لا، والنهي عن قراءة الكتب القديمة:

قال تعالى «وَما كُنْتَ تَتْلُوا» يا محمد «مِنْ قَبْلِهِ» أي الكتاب المنزل عليك «مِنْ كِتابٍ» أصلا لأنك لم تقرأ «وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ»

<<  <  ج: ص:  >  >>