سبيل الله الموصلة إليه «عِوَجاً» بكسر العين أي الزيغ والميل عن الاستواء في الدين والقول والعمل وكل ما لا يرى، أما الجدار والعصا وغيرهما مما تراه العين فيفتح العين راجع الآية الأولى من سورة الكهف المارة في ج ٢، «وَأَنْتُمْ شُهَداءُ» بأن الدين الحق ما عليه محمد صلّى الله عليه وسلم وأصحابه وأن ما أنتم عليه ضلال «وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ»(٩٩) من إلقاء الشبه بقصد تشكيك الناس لصدهم عن الإيمان بمحمد واتباع دينه القويم «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ»(١٠٠) فاحذروهم وتباعدوا عنهم
ثم أتى بما ينم بالتعجب من طروء الكفر على الإيمان بقوله «وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ» بالله ورسوله استفهام تعجب يليه جملة حالية أي كيف يكون منكم ذلك «وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ» قائم بين أظهركم، أي لا يليق بكم ذلك بل لا يتصور وقوعه منكم وأنتم على ما أنتم عليه من العقل والدراية «وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ» ويتمسك بدينه ويتبع رسوله «فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ»(١٠١) بوصله إلى الجنة لأن من يعصمه الله يقيه من الوقوع في الآفات ويدفع عنه كل شر.
[مطلب فتن اليهود وإلقائها بين المسلمين وسبب اتصال الأنصار بحضرة الرسول وألفتهم:]
ولما رأى شاس بن قيس اليهودي ألفة الأوس والخزرج في الإسلام بعد ما كان بينهم في الجاهلية من العدوان قال والله ما لنا معهم إذا اجتمعوا من قرار، فأمر من يذكّرهم بوقائعهم يوم بعاث وما جرى فيه من القتل بينهم والسلب ليوقع بينهم الشحناء ويثير الضغائن الكامنة في قلوبهم، والفتنة قائمة لعن الله من أيقظها ولا سيما والناس كانوا قربي عهد بالإسلام، فذكروهم ولا زالوا يثيرون بينهم ما وقع منهم زمن الجاهلية، حتى استفز أوس بن قبطي من بني حارثة الأوسي وجبار بن صخر من بني سلمة الخزرجي، فتفاخروا وتمارون بما أغضب الفريقين، وحملهما على حمل السلاح وخرجا إلى الحرة ليتقاتلا، قاتل الله اليهود ما ألعنهم، فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلم فأخذ المهاجرين وخرج إليهم، فقال أجاهلية وأنا بين