للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الآخرة فتفوزوا بالسعادة وزيادة الثواب المتوقفين على التقوى في المحرمات كافة ومن تعاطي الربا في الدنيا لأنه من الكبائر

بدليل قوله تعالى «وَاتَّقُوا النَّارَ» بانكفافكم عنه لأنه يؤدي إليها، ويوجب الوقوع فيها وذوق عذابها المؤلم وهي «الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ» (١٣١) وهيئت لهم لاستحلالهم ما حرم الله وتحريمهم ما أحل. وأنتم أيها المؤمنون إذا لم تنتهوا عن الربا يكون مصيركم مصيرهم.

تشير هذه الآية بهذا التهديد والوعيد لهذا الصنف من الناس وهي أخوف آية في القرآن إذ أوعد الله المؤمنين بما أعده للكافرين إن لم يجتنبوا محارمه، وهذه الآية والآية ٤٤ من سورة البقرة المارة تؤيد أن النار مخلوقة ومهيأة للكفار، كما أن الجنة معدة ومهيأة للمؤمنين، وهما كافيتان المراد على قول القائلين بعدم وجود الجنة والنار وأن الله سيخلقهما بعد، فضلا عن الآيات الأخر المثبتة وجودهما والأحاديث المخبرة عن ذلك، وخاصة حديث المعراج المصرح فيه اطلاع حضرة الرسول عليهما ليلة أسري به، راجع أول سورة الإسراء ج ١، فلم يبق من قيمة لما يتقولونه بعدم خلقهما بعد هذا تدبر «وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ» فيما يأمركم وينهاكم عنه «لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» (١٣٢) فتخلصون من النار وتدخلون الجنة برحمته.

هذا، وقد ذكرنا في الآية ٣٩ من سورة الروم في ج ٢ ما يتعلق بربا البيوع كالعينة وشبهها وفي الآية ٢٧٥ فما بعدها من البقرة المارة ما يتعلق بربا النسيئة وهذه الآية الثانية النازلة في الربا المبينة ربا الفضل وهو نوع آخر من أنواع الربا الثلاثة وهو أعظمها إثما عند الله تعالى، راجع الآية ١٧٥ من البقرة، وذلك أن الجاهلية كانوا إذا استحق الدين الذي أصله ربا أو غيره على المدين ولم يقدر على إيفائه يقول له الدائن زدني في المال لأزيدك في الأجل، فيفعل مضطرا لعدم القدرة على أدائه ولربما استحق ثانيا وثالثا فيزيده في المال ويزيده في الأجل حتى يكون الفضل أكثر من الأصل، ولذلك شدد الله تعالى فيه ونهى عن أكله، وقد حرم الله الربا بأنواعه الثلاثة في هذه الآيات الثلاث وبالأحاديث التي ذكرناها قبل وفي سورة البقرة وحديث أحمد الذي لفظه: درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلاثين زنية في الإسلام. وحديث ابن جرير وأبي الدنيا: الربا اثنان

<<  <  ج: ص:  >  >>