وان كتابك سحر وشعر وكهانة، ووصم ربك بالشريك والولد والصاحب «إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ» لبعضهم ويكنون في قلوبهم من العداء لك والحسد على ما خولك ربك والحرص على إهلاكك «وَما يُعْلِنُونَ» ٧٦ في ذلك كله وتسافههم عليك وعكوفهم على عبادة أصنامهم على مرأى منك، واتهامك بالكذب، وتهديدك بالجلاء والقتل، وغير ذلك مما نحن عالمون به قبل إظهاره لك. واعلم يا أكمل الرسل أنا مجازوهم على ذلك كله لأنهم بوصمك هذا يكذبون الذي أرسلك ويجحدون آياته. راجع تفسير الآية ٣٢ من سورة الأنعام في ج ٢، ولذلك فإنا نجعل كيدهم في نحرهم وننصرك عليهم وفي هذه الآية من التهديد والوعيد ما لا يخفى على بصير وفيها أيضا وعد وتسلية من الله لرسوله ليقشع عنه ما لحقه من هم وحزن من قومه بسبب تقولاتهم هذه وإصرارهم على الكفر والتكذيب ورميهم له بما لا يليق بجنابه وليس في هذه الآيات ما ينم على حزنه نفسه بسبب ما تابه من أذاهم وإهانتهم وإنما على عدم قبولهم الايمان ورفضهم كتاب الله وإنكارهم رسالته وجحدهم الإله الواحد لأنها على حد قوله تعالى «فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ» الآية ٨٨ وقوله ولا تدع مع الله إلها آخر الآية ٨٩ من سورة القصص الآتية ومن المعلوم أنه عليه الصلاة والسلام لا يظاهر الكافرين ولا يكون من المشركين ولا يدع مع الله إلها وان المخاطب فيها على الحقيقة غيره وانما خاطبه بها لإلهاب القلوب وركونها إلى المحبوب وجنوحها عن الأغيار وميلها عن مصاحبة الأشرار ولهذا البحث صلة في تفسير الآيات المذكورة إن شاء الله تعالى.
[مطلب تفنيد من كفر القارئ انا بالفتح:]
قال بعض المفسرين من قرأ انا هذه بالفتح فسدت صلاته وإذا اعتقد معناها كفر، وهو قول مبالغ فيه فلو اقتصر على تخطيئه أو غلطة لكان الأمر فيه ما فيه ولكن الكفر أمر عظيم لا يليق أن يجنح إليه عالم ما وجد مخرجا لعدم تكفير المسلم لأنه إذا وجد لمن يصدر عنه قول ظاهره الكفر احتمالا ما، يجب صرفه لهذا الاحتمال إذ لا يجوز تكفير المسلم حتى أن العلماء رحمهم الله قالوا إذا وجد قول