يقود البعير بخطامه ويتابعه حيث أراد، ولولا تذليله لعجز عنه الجماعة ولأتلف بضربة من رأسه الطائفة من الناس فله الحمد والشكر على هذا التسخير «فَمِنْها رَكُوبُهُمْ» عليها بسبب تذليلها وحملها الأثقال «وَمِنْها يَأْكُلُونَ» ٧٢ الرجل يذبح الثور والجمل فيأكل ويبيع ويهدي من لحمه وشحمه، ولولا تسخير الله لما تمكن من ذلك «وَلَهُمْ فِيها» غير الركوب والحمل «مَنافِعُ» كثيرة من أوبارها وأشعارها وصوفها وجلدها لباسا ومن نسلها قنية وتجارة إذ يبيعونها ويشترون بثمنها لوازمهم ويستكثرون بها مما يجب الشكر والحمد لمذللها «وَمَشارِبُ» من حليبها ولبنها وزبدها وسمنها وجبنها ولباها واقطها ومخيضها أكلا وشربا وبيعا وادخارا «أَفَلا يَشْكُرُونَ» ٧٣ هذا الرب الكريم على إنعامه هذا عليهم، فضلا عن باقي نعمه التي لا تعد ولا تحصى، قال صلى الله عليه وسلم اتقوا الله لما يغذوكم به.
أي إن لم تتقوه لنعمة الحياة والسمع والبصر وبقية الجوارح والحواس وخوف المرض والفقر والعذاب فاتقوه على الأقل لنعمة الأكل والشرب واللبس التي لولاها لهلكتم، إذ فيها قوامكم فهذه كلها نعم من الله تعالى يجب عليكم شكرها فما بالكم تقابلونها بالكفر وتنكرون نعمها «وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً» من صنع أيديهم من الأحجار والأخشاب وعبدوها «لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ» ٧٤ إذا أضربهم أمر من خوف وجدب أو حلّ بهم ضر من مرض وفقر كلا «لا يَسْتَطِيعُونَ» أولئك الأوثان المتخذة «نَصْرَهُمْ» على غيرهم لأنها عاجزة عن نصر نفسها لأنها من صنعهم بدليل قوله واتخذوا «وَهُمْ» هؤلاء الكفرة الراجون من هذه الآلهة المزيفة نصرا ويعبدونها من دون الله مع علمهم أنها لا تضر ولا تنفع ولا عن أنفسها شرا تدفع ومع هذا تراهم «لَهُمْ جُنْدٌ» أعوان لأوثانهم وخدم «مُحْضَرُونَ» ٧٥ مهيئون يحمونها ممن يتعدى عليها ويرجون خيرها ويخافون شرها ولا ينظرون لخالقهم ورازقهم وحافظهم فيا سيد الرسل اتركهم الآن واصبر عليهم «فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ» بانك ساحر أو كاهن أو شاعر