نزلت بمكة بعد سورة غافر المؤمن، وهي أربع وخمسون آية، وتسعمئة وست وتسعون كلمة، وثلاثة آلاف وثلاثمائة وخمسون حرفا:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قال تعالى:«حم» ١ «تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» ٢ تقدم مثله وفيه ما فيه. واعلم يا أكرم الرسل أن المنزل عليك من لدنا هو «كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ» تفصيلا شافيا وبينت تبيينا كافيا وافيا وأعني به «قُرْآناً عَرَبِيًّا» أنزلناه «لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ» ٣ هذه اللغة حق العلم فيجيلون النظر في مبانيه ويتفقهون في معانيه ويعرفون المراد منه، وفي هذه الآية إيذان بتعليم اللغة العربية للوقوف على معاني القرآن العظيم، فيجب على كل مسلم ومسلمة أن يتعلمها، لأن القرآن لا يقرأ إلا بها:
مطلب عدم جواز ترجمة القرآن وبحث في الزكاة وفي معجزات القرآن:
وان الترجمة باللفظ والمعنى غير ممكنة، إذ الحروف العربية لا توجد كلها في اللغات الأجنبية، فيضطر المترجم الى تبديل حرف بغيره أو تحريره، ويجر هذا التغيير الى تبديل كلمة تعطي غير المعنى المراد من أجلها، ومن المعلوم أن تغير شيء من كتاب الله كفر، إذ قد يختل المعنى المقصود منه وهو مبرأ من الخلل، أما تفسيره باللغات الأجنبية مع المحافظة على متنه فجائز، ومن هنا طرأ التحريف على الكتب السماوية المترجمة، راجع هذا البحث في المقدمة تقف على ما تريده. وقد جعلنا هذا الكتاب المنزل عليك يا خاتم الرسل (بشيرا) للطائعين المنقادين لأحكامه بالجنة ونعيمها «وَنَذِيراً» للعاصين الجاحدين له بالنار وجحيمها «فَأَعْرَضَ»