النمل المارة في ج ١ بقوله (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) ولهذا فقد لحقتهم الخيبة وغشيهم الغم والحزن على ما فرحوا به في الدنيا «وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ٨٣» على الأنبياء وما جاءوهم به وذلك فرحهم بالسخرية على ما يبلغونهم من الأوامر والنواهي والآداب الإلهية حتى أنزل الله فيهم (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ) الآية ١٢ من الصافات المارة، قال تعالى «فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا» عذابنا وقد أحاط بهم من كل جانب «قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ ٨٤ في الدنيا مع أنهم كانوا يشمئزون من ذكر الله وحده ويفرحون بذكر آلهتهم كما نعى الله عليهم حالتهم بقوله (وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) الآية ٤٥ من سورة الزمر المارة ومثلها الآية ٤٦ من سورة الإسراء في ج ١، قال تعالى «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا» لأنه لا إيمان في حالتي البأس واليأس، ولا توبة مقبولة أيضا في هاتين الحالتين وهذه «سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ» ولا مجال لتبديل ما سنّه الله، راجع الآية ١٥٨ من سورة الأنعام المارة والمواضع التي تدلك عليها «وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ ٨٥» لأنهم لم يعرفوا ذلك الخسار إلا عند إملاكهم ولا يلجأون إلى التوبة إلا في غير إبانها وإلا فهم خاسرون دائما حال نزول العذاب وقبله وبعده، ومجموع جملة وخسر إلخ بحساب الجمل ١٣٦٠ مثل الجملة المارة في الآية ١٧٣ من سورة الصافات، فنسأل الله أن يدمر الكفرة وبعلي كلمة الإسلام من الآن فصاعدا، وأن يديم خسار الكفرة وخاصة اليهود، ويجمع شمل المؤمنين ويديم ربحهم، ويرفع رتبتهم على من سواهم، إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير ولا يوجد سورة مختومة بما ختمت به هذه السورة، هذا، والله أعلم، وأستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وأصحابه وأتباعه أجمعين.