من سورة فاطر المارة و (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ) الآية ٣٦ من سورة الزمر في ج ٢ وقوله آخرها (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) وهذا الحمد على طريق التلذّذ لا التكليف لانتهائه بالآخرة «لَهُ الْحُكْمُ» القطعي بين الخلائق فيهما وحده لارادّ له ولا معقّب «وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» كلكم أيها الخلق بعد الموت وتحضرون بين يديه بعد النشور لتفهيم هذا الحكم
فيا أكرم الرسل «قُلْ» لقومك الذين يتدخلون في ما لا يعنيهم «أَرَأَيْتُمْ» أخبروني أيها الناس «إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً» مطّردا دائما لا نهار معه «إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ» نهار تطلبون فيه معاشكم وتنتشرون فيه لمصالحكم «أَفَلا تَسْمَعُونَ» ٧١ قول الله فتذعنون إليه وتؤمنون به. قال بضياء ولم يقل بنهار كالآية الآتية إذ قابل النهار بليل، لأن منافع الضياء لا تقتصر على التصرف بالمعاش والمصالح بل هي كثيرة، والظلام ليس بتلك المنزلة، لذلك قرن بالضياء السمع لأنه يدرك ما لا يدركه البصر من ذكر منافعه، ووصف فوائده، ونعت طرائقه، وهو أفضل منه بدليل تقديمه على البصر في القرآن لأن الأصم لا يستفاد من مجالسته البتة، بخلاف الأعمى، وقرن بالليل البصر لأن غيرك يبصر من منفعة الظلام ما تبصره أنت، قال تعالى «قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً» لا ليل معه مستمرا متتابعا «إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ» تنامون وتستريحون فيه من مشاق النهار وعناء التعب «أَفَلا تُبْصِرُونَ» ٧٢ هذه الشواهد العظيمة الدالة على قدرة الإله القادر، فتقفوا على معانيها وتفهموا المراد منها وتتيقنوا أن لا أحد يقدر عليها غيره تعالى، فيتّضح لكم خطأكم بعبادة غيره وترجعون إليه تائبين، وهو الذي يقبل التوبة من عباده ويعفو عما قبلها «وَمِنْ رَحْمَتِهِ» لكم «أن جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ» منقطعا عن النهار بقدر معلوم «وَالنَّهارَ» كذلك وجعلهما يتعاقبان بالظلمة والضياء «لِتَسْكُنُوا فِيهِ» أي الليل «وَلِتَبْتَغُوا» في النهار «مِنْ فَضْلِهِ» لتأمين حوائجكم «وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» ٧٣ نعم الله المتوالية عليكم فيها، وتعرفون حق المنعم بها فتؤمنون به، إذ لو جعل الظلمة متصلة والضياء متصلا لحرمتم منافع