للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبدا إلا رحمة الله وهي بعيدة منه، راجع الآية ٣٤ من سورة عبس في ج ١، قال تعالى «كَلَّا» لا ينجيه أحد أصلا «إِنَّها» المخصصة لعذاب المجرم هي «لَظى» ١٥ أحد طبقات جهنم المعدة لمن يثبت عليه الجرم العظيم في الموقف بعد الحساب ويحكم عليه بفصل القضاء بأن يعذب فيها، ولا يسمى مجرما إلا بعد ذلك، وهكذا في الدنيا يكون مدعى عليه بمجرد الدعوى عليه، وعند وجود امارة على اقترافه الجرم يسمى ظنينا، وعند تواتر الأدلة يسمى متهما، وعند الثبوت يسمى مجرما، ثم محكوما. ومن أوصاف هذه النار أنها «نَزَّاعَةً لِلشَّوى» ١٦ أطراف الجسد كاليدين والرجلين بمجرد طرحهم فيها، والنزع الجذب بقوة، أي أنها مفرقة لأعضاء الإنسان «تَدْعُوا» إليها كل «مَنْ أَدْبَرَ» عن الإيمان «وَتَوَلَّى» ١٧ عن الحق «وَجَمَعَ» مالا من غير حله «فَأَوْعى» ١٨ خزنه في الأوعية ولم ينفقه في وجوه البر ولم يؤد حق الله منه لعياله. وقال بعضهم معنى أوعى تعذّب يقول الأعرابي: وهاك الله أي عذّبك. ومن ورع عبد الله بن حكيم أنه كان لا يربط كيسه، فقيل له في ذلك فقال سمعت الله يقول جمع فأوعى، ومتى ما ربطته فقد أوعيته. «إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً» ١٩ جنسا وجبلة طبع على الهلع الذي فسره الله بقوله

«إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً» ٢٠ ٢١ وإذا أعطي المال لم ينفق، وإذا أصابه الفقر لم يصبر، ثم استثنى الله عز وجل من ذلك الجنس نوعا مخصوصا بقوله «إِلَّا الْمُصَلِّينَ» ٢٢ وهذا استثناء اجمع من الواحد الذي فيه معنى الجمع كالإنسان، ثم وصف المصلين بقوله «الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ» ٢٣ مواظبون على إقامتها «وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ» ٢٤ عندهم فرضوه على أنفسهم بحسب ما تجود به أنفسهم وأريحيتهم وخصصوه «لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ» ٢٥ المتعفف عن السؤال الذي يظن به عدم الحاجة «وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ» ٢٦ يوم القضاء والجزاء «وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ» ٢٧ خائفون وجلون «إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ» ٢٨ فلا يقدر أحد مهما كان على درجة عالية في الإخلاص أن يقطع بأمنه من عذاب الله، إذ لا يخلو من التقصير بحقه، والأعمال الصالحة مهما كثرت

<<  <  ج: ص:  >  >>