«يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ» بالقول فهم مخزيّون في هذه الدّنيا «وَمَأْواهُمْ» في الآخرة «جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ»(٩) هي لأهلها.
[مطلب في المثل الذي ضربه الله تعالى لنساء الأنبياء وقصة آسية زوجة فرعون ومريم ابنة عمران:]
قال تعالى «ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ» واعلة الكافرة راجع الآية ٩٧ من سورة هود في ج ٢ لتقف على السّبب الذي غمسها في النّار، وامرأة لوط واهلة الكافرة أيضا، راجع ما وقع منها في الآية ٧٧ من سورة هود أيضا «كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ» نبيّين كريمين خليلين «فَخانَتاهُما» بالكفر بدينهما والتجسس عليهما وإخبار قومهما بمن يؤمن بهما ومن يأتي إليهما وتحريض قومهما لا بالبغي وحاشاهما منه. قال ابن عباس ما بغت امرة نبي قط. لأن البغي يقدح فيهم ويمس جانبهم العالي النّزيه المبرأ من كل عيب، المنزه من كلّ ما به وصمة مطلقا، «فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً» اي لم ينجياهما من عذاب الله مع كونهما محترمين عنده لوجود الحائل وهو الكفر «وَقِيلَ» لهما يوم القيامة «ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ»(١٠) فيها، لأن محبة الكافر للمسلم مع بقائه على كفره لا تنفعه عند الله، وكذلك حجة المعاصي، قال تعالى (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) الآية ٦٧ من سورة الزخرف ج ٢، راجع تفسير الآية هذه ففيه بحث نفيس لا غنى لك عنه. وإذا كان كذلك فكيف تنفع حجة الكفرة لأوثانهم التي هي نفسها عاجزة محتاجة إلى من يحرسها؟ وقدمنا ما يتعلق في هذا البحث أيضا في الآية ٣١ من سورة ابراهيم في ج ٢ فراجعه.
قال تعالى «وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ» المؤمنة آسية بنت مزاحم التي كانت مصاحبة لزوجها المتناهي في الكفر «إِذْ قالَتْ» حينما عذبها على إيمانها بموسى وأرادها على الكفر ولم تفعل «رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ» لأني تركت بيت فرعون وجنته في الدّنيا من أجلك رغبة بما عندك في الآخرة «وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ»