ج ١ والآية ٦ من سورة هود المارة فراجعها. هذا، وقد جاء دعاء الملائكة شاملا وكأنها القائل:
إن تغفر اللهم فاغفر جمّا ... فأي عبد لك لا ألمّا
أشار إلى دعائهم. قال تعالى «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ» يوم القيامة من قبل خزنة جهنم حين يضجون من المكث فيها فتقول لهم الملائكة «لَمَقْتُ اللَّهِ» لكم «أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ» والمقت البغض الشديد والبغض نفار النفس من الشيء ترغب فيه، وهو ضد الحب وأشده لمن يراه متعاطيا القبيح من الأعمال، فالكفار يمقتون أنفسهم من طول المكث في جهنم، لأنها أمرتهم بالسوء الذي من أجله وقعوا فيها فيغضبون عليها ويغيظونها ويعضون أناملهم من الغيظ حتى يأكلونها وينكرون على أنفسهم بما قادتهم إليها شهواتهم على رءوس الأشهاد، فعند ذلك تناديهم الملائكة كما قص الله عز وجل فتقول لهم «إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ ١٠» بالله وتكذبون رسله تبعا لأهوائكم واقتداء بآبائكم، فهذا جزاؤكم، فيجاوبونهم بقولهم
«قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ» الموتة الأولى حينما أشهدهم على أنفسهم في عالم الذر وأخذ عليهم العهد بالإيمان به وبرسله، راجع الآية ١٥٢ من سورة الأعراف في ج ١، ثم خلقهم بعد هذه الموتة التي كانوا بعدها في أصلاب الآباء وأرحام الأمهات مستقرين ومستودعين، ثم أماتهم بعد انقضاء آجالهم في الدنيا، والموتة الثانية في القبر بعد الإحياء للسؤال «وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ» الأولى في الدنيا بالولادة والظهور إلى عالم الظهور من دنيك المستودع والمستقر راجع الآية ٩٩ من سورة الأنعام المارة، قال الغزالي: الولادة الأولى الخروج من الصلب والترائب إلى مستودع الأرحام فهو في الرحم في قرار مكين إلى قدر معلوم، ثم تكون الولادة الثانية من الرحم إلى هذه الدنيا، والحياة الثانية الإحياء للبعث في الآخرة، ونظير هذه الآية الآية ٢٩ من سورة البقرة فراجعها. هذا، وقد عدد في هذه الآية أحوال المحنة والبلاء أربعة: موت في عالم الذر وموت في الدنيا وحياة في الدنيا وحياة في الآخرة، وكلها عرضة إلى المحن والبلايا، وقد استدل كثير من العلماء بهذه الآية على عذاب القبر وفسروا الحياة الثانية فيه والموتة الثانية