نزلت في مكة بعد التكبير، وهي تسع عشرة آية، واثنتان وسبعون كلمة، ومائتان وواحد وتسعون حرفا، وتسمى سبح ومثلها في عدد الآي سورتا العلق والانفطار، ويوجد في القرآن سبع سور مبدوءة بلفظ التسبيح واحدة بلفظ الأمر وهي هذه، وثلاث بلفظ الماضي وهي: الحديد والحشر والصف، واثنتان بلفظ المضارع وهي: الجمعة والتغابن، وواحدة بالمصدر وهي الاسراء.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قال تعالى مخاطبا عبده ورسوله:«سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ» نزهه عما يقول الملحدون مما لا يليق بذاته وهو المستحق للتقديس «الْأَعْلَى ١» علوا يليق بذاته لا علو مكان تعالى الله عنه الموصوف بالعلو أي القهر والاقتدار «الَّذِي خَلَقَ» كل شيء وأوجده من لا شيء «فَسَوَّى ٢» ما خلقه بما يناسبه إذ جعل كل خلقه مستويا معتدلا لا تفاوت فيه محكما منسقا سبحانه فقد أحسن كل شيء خلقه لأن ما يصدر عن الحكيم لا يكون الا كذلك «وَالَّذِي قَدَّرَ» أرزاق مخلوقاته تقديرا حكيما لكل بحسبه «فَهَدى ٣» كلا منها لطريق اكتسابه ويسّر كلا لما خلق له وسهل له سلوكه فجعل كلا يتناول ما قسم له بوسائل مختلفة والهدف واحد «وَالَّذِي أَخْرَجَ» في الأرض انواع النبات وأظهر منها «الْمَرْعى ٤» للحيوان وصيره أنواعا وأصنافا يناسب كلا منها فلم يترك صغيرا ولا كبيرا إلا وخلق له ما يرعاه وينفعه «فَجَعَلَهُ» أي ذلك المرعى بعد أن كان أخضر وأصفر وأحمر وما بينهما في الألوان العجيبة والأشكال الغريبة البديعة «غُثاءً» هو ما يرى فوق السيل وما يقذفه على جانبي الوادي من هشيم الحشيش وغيره «أَحْوى ٥» مائلا الى السواد يابسا وقد يتحجر بكر الأيام ولا يبعد ما يقوله الأثريون بأن الفحم الحجري أصله نبات والحوادث تدل عليه وهو في معجزات القرآن العظيم إذ لا يوجد في نزوله على وجه الأرض من يعرف هذا غير منزله جل وعلا الا فليعتبر المعتبرون «سَنُقْرِئُكَ» يا محمد من معلومات غيبنا ومكنونات علمنا مما لا يعلمه أحد «فَلا تَنْسى ٦»