ج ٢، وعلمنا يوسف تعبير الرؤيا لنجعله ملكا على مصر راجع الآيتين ٣٧ و ٥٤ من سورة يوسف في ج ٢، وعلمنا داود صنعة الدروع ليكون ملكا مع النبوة، راجع الآية ١١ من سورة سبأ، وعلمنا سليمان نطق الطير لتؤمن به بلقيس كما سيأتي بعد، وعلمنا عيسى الحكمة والتوراة والإنجيل لتدفع عنه التهمة راجع الآية ٤٨ من آل عمران، وعلمناك يا محمد علم الأولين والآخرين لنعطيك الشفاعة العظمى والرسالة العامة، وهكذا بقية الرسل أعطيناهم أشياء خاصة لتكون سببا لإنالتهم أشياء خاصة في الدنيا والآخرة «وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا» بالنبوة والرسالة والملك، ولم تجمع لمن قبلنا من الأنبياء في سبط من أسباط يعقوب، بل كان الملك في سبط والنبوة في آخر «عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ» ١٥ بذلك وبما سيأتي من تسخير الجن والإنس والطير والهواء وغيرها راجع الآية ١٠ فما بعدها من سورة سبأ في ج ٢، وقالا ما قالا إظهارا لشكر الله على نعمه وتحدثا بها ولم يفضلا أنفسها على الكل تواضعا وهضما لأنفسهما المطهرتين.
[مطلب قصة ابن كثير مع جاره وعظمة ملك سليمان وكلام الطيور:]
كان ابن كثير رحمه الله يجلس على بابه فيطالع، وكان له جار رثّ الثياب، وكلما خرج من داره ورآه على حالته يركب عليه فيشم منه رائحة كريهة، فعنفه يوما على فعله، وأخبره بأنه يعوقه عن مطالعته، فقال له وما تطالع؟ قال في الاقتباس، قال أنشدني منه شيئا، فقال موريا فيه فورا:
كيد حسودي وهنا ... ولي سرور وهنا
الحمد لله الذي ... أذهب عنا الحزنا
الآية ٣٨ من سورة فاطر، فأجابه فورا معرضا فيه أيضا:
قلبي إلى الرشد يسير ... وعنده النظم يسير
الحمد لله الذي ... فضلنا على كثير
الآية المارة، فتعجب منه وقام إليه واحترمه، واعتذر منه، فقال له إياك أن تزدري بأحد، فإن مواهب الله في الصدور لا في الثياب.