فيها العقل، وقد ركب الله في بني آدم الشهوة ووضع فيهم العقل، فمن غلب عقله على شهوته فقد التحق بالملائكة وصار أكرم منهم، ومن غلبت شهوته على عقله التحق بالبهائم وصار أخس منهم وأشر، وقد خلق الله تعالى كل ما في الكون السفلي والعلوي لبني آدم، وخلق بني آدم لنفسه المقدسة ليعبدوه، قال تعالى (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) الآية ٥٦ من سورة الذاريات في ج ٢ وجاء عن جابر يرفعه قال لما خلق الله آدم وذريته قالت الملائكة يا رب خلقتهم يأكلون ويشربون وينكحون، فاجعل لهم الدنيا ولنا الآخرة، فقال تعالى لا أجعل من خلقته بيدي ونفخت فيه من روحي كمن قلت له كن فكان. هذا وقالت المعتزلة: إن البشر أفضل من جميع الخلق إلا الملائكة وقال الكلبي البشر أفضل من جميع الخلق عدا طائفة من الملائكة مثل جبريل واسرافيل وميكائيل وعزرائيل وحملة العرش وخازن الجنة والنار وشبههم، استدلالا بقوله تعالى (كَثِيرٍ) ولو كان التفضيل على الكل لما جاء لفظ (كثير) والأول الذي جرينا عليه هو ما عليه الجمهور، راجع الآية الأولى من هذه السورة، وقد ذكرنا أن كثيرا أتت في القرآن بمعنى الكل قولا واحدا فيها قال في الكشاف إن المراد بالأكثر في قوله تعالى (وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا) الآية ٣٧ من سورة يونس في ج ٢ (الجميع) والقرآن يفسّر بعضه بعضا والآيتان المتقدمتان والحديثان كل منها يؤيد هذا، وعليه ابو حنيفة وكثير من الشافعية والأشعرية رضي الله عنهم، ولهذا مثبتا على أن الأكثر بمعنى الكلّ، وإن البشر أفضل من جميع الخلق، والمراد الجنس الصادق بالواحد والمتعدد
قال تعالى «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) بنبيهم ومقدمهم فيقال يا أتباع فلان، ويا قوم فلان، وقيل بكتابهم لأن الإمام بمعنى الكتاب، فيقال يا أهل كتاب الخير، ويا أهل كتاب الشر، أو يا آل القرآن، يا آل التوراة يا آل الإنجيل، ويا أهل دين الإسلام، يا أهل دين اليهود، يا أهل دين النصارى، والأوّل أولى وأوفق، فيأتون أفواجا أفواجا ومعنى الإمام المتبع والمقتدى به عاقلا كان أو غيره في اللغة، وأما شرعا وعرفا فالإمام هو الخليفة ومن يصلي بالناس بأمره جمعة وجماعة، أخرج ابن مردويه عن