علي كرم الله وجهه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم في الآية يدعى كل قوم بإمام زمانهم وكتاب ربّهم وسنة نبيهم. وأخرج بن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس أنه قال إمام هدى وإمام ضلالة، وأخرج ابن جرير عن طريق الصوفي عن ابن عباس أيضا قال بإمامهم بكتاب أعمالهم وأخرج بن أبي حاتم وابن مردويه والخطيب في تاريخه عن أنس أنه قال هو نبيهم الذي بعث إليهم. وما قيل إن إمام جمع أم كخفاف جمع خفّ لأن الناس يدعون بأمهاتهم رعاية لحق عيسى عليه السلام، وشرفا للحسنين رضي الله عنهما، وشرا لأولاد الزنى لا وجه له ولا مزيّه، لان جمع أمّ أمهات ولم يسمع كونه جمع إمام والغلط المشهور خير من الصحيح المهجور، على أنه ليس بغلط بل بصحيح مشهور، ولأن عيسى عليه السلام من كرامته على ربه خلقه من غير أب، فهو آية في نفسه من آيات الله العظام، ووالد الحسنين خير من أمهما مهما كانت مفضلة على غيرها لان آل البيت كحلقة مقرغة وفضيحة أولاد الزنى حاصلة لا محالة سواء دعي باسم أمه أولا، لأن الله تعالى يحاسب الزاني والزانية، وفي ذلك تظهر الفضائح وتنشر القبائح، وإن ابن الزنى لا ذنب عليه لأنه لم يقترف شيئا، قال تعالى (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) الآية ٣٨ من سورة والنجم المارة، ويوشك أن يثيبه الله تعالى على تحمله ألفاظ القذف من الناس وأقوال التحقير والاستهزاء ما لا يثيب به غيره، وقد يكون غالبا من أهل التحمل، وجبارا أيضا وواطيا بآن واحد، راجع الآية ٣٢ من سورة مريم المارة «فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ» في ذلك اليوم المهول «فَأُولئِكَ» إشارة إلى من باعتبار معناها «يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ» فرحين مسرورين متلذذين بما فيه من الخيرات والحسنات والطاعات التي فعلوها بالدنيا، ويقرأون ما فيه ولو لم يكونوا قارئين قبلا، وكذلك الأعمى يقرأ كتابه بقوة يعطيه الله إياها، ويعيد له بصره حتى لا يبقى لأحد حجة يحتج بها، نفيا لدعوى الظلم «وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا» ٧١ أيها الناس كلكم، فلا ينقص من أجور أعمالكم المرتسمة في كتبكم بمقدار الخيط الرفيع الذي هو في باطن نواة التمر، كما لا يزاد على عقاب أحد بمثل ذلك، وإنما ضرب الله تعالى هذا المثل بالفتيل لما هو متعارف عند العرب إذ يضربون به المثل