ابن مسعود دخل المسجد والنبي صلّى الله عليه وسلم جالس فقال له نابذ يا ابن مسعود، فقرأ هذه السورة في الركعة الأولى، ثم قال له في الركعة الثانية أخلص، فقرأ سورة الإخلاص، فلما سلم قال يا ابن مسعود سل تجب. وهذه السورة محكمة غير منسوخة لأن القصر المستفاد من تقديم المستند قصر إفراد حتما، لأن المعنى فيه أن دينكم هو الإشراك مقصور على الحصول لكم لا يتجاوزه الى الحصول إليّ، فلا تعلقوا فيه أمانيكم الفارغة فإن ذلك محال وان ديني الذي هو التوحيد مقصور على الحصول لما لا يتجاوزه الى الحصول لكم، لأن الله تعالى ختم على قلوبكم فلا تنالونه، وقد مر أنهم كفار مخصوصون سبق في علم الله عدم إيمانهم وهم على ما قيل قيس السهمي والعاص بن وائل والوليد بن المغيرة والأسود بن عيد يغوث والأسود بن عبد المطلب بن أسد وأمية بن خلف وأضرابهم كأبي جهل وأبي لهب الذين ماتوا وقتلوا على كفرهم. واعلم أن من الناس من يتمثل بالآية الأخيرة على معنى المتاركة وهو غير جائز لأن القرآن نزل ليتدبر ويعمل فيه لا ليتمثل به، راجع سورة الكوثر المارة وسورة الطارق الآتية لنقف على مثل هذا، وأعلم أن هذه السورة المبدوءة بلفظ قل يجوز قراءتها بغير قصد القرآن بلا لفظ قل، كأن يقول عند الخطاب يا أيها الكافرون، هو الله أحد، أعوذ برب الفلق، أعوذ برب الناس، لأن الخطاب فيها وإن كان لسيد المخاطبين صلّى الله عليه وسلم فهي عامة لجميع المؤمنين، أما قل أوحي فلا، لأنها خاصة بحضرة الرسول فقط لأن الله خاطبه بها ليقصها على الجن والإنس
وإذا سأله قومه عما ذكر فيها يقول لهم إن الله تعالى أوحى إليّ بها، تأمل هذا، والله أعلم، وأستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تفسير سورة الفيل عدد ١٩- ١٠٥
نزلت بعد (الكافرون) بمكة وهي خمس آيات، وثلاث وعشرون كلمة، وستة وتسعون حرفا، لا ناسخ ولا منسوخ فيها، لأنها من الاخبار ولا يدخلها النسخ.