القصص في ج ١، «لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ» ٣٧ نعمك ويقولون إن الإتيان بها من جملة آياتك ونعمك عليهم، قال سعيد بن جبير: لو قال الله أفئدة الناس لحجت النصارى واليهود والمجوس، ولكنه قال من الناس يريد المسلمين فقط، لأنه سبق في علمه حرماتهم من زيارته لقوله جل قوله (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) الآية
٢٥ من التوبة في ج ٣، «رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ» في كل أمورنا وأحوالنا وأفعالنا ونيّاتنا، لا تفاوت عندك بين السر والعلانية، قال تعالى «وَما يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ» ٣٨ تصديقا لقولهم ذلك، وقد جمع الضمير لأن الدعاء منه ومن ابنه إسماعيل بدليل ما جاء في الآية ١٣٨ من البقرة في ج ٣، وهو قوله تعالى حكاية عنهم كما هنا (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم) وفي تكرير هذا النداء دلالة على أن كثرة التضرع إلى الله تعالى واللجوء إليه وحصر القصد فيه مطلوب. ثم قال إبراهيم وحده «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ» ٣٩ إشارة إلى قوله قبلا (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) الآية ١٠٠ من سورة الصافات المارة، فأجاب الله دعاءه فوهب له إسماعيل من هاجر وهو ابن تسع وتسعين سنة، وإسحق من سارة وهو ابن مئة وسبع عشرة سنة، قال تعالى على لسان خليله أيضا «رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي» اجعل من يقيمها، وذلك أنه علم بإعلام الله إياه أن أناسا يكونون من ذريته لا يقيمونها «رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ» ٤٠ بإثبات الياء ودونها، وقد أجاب الله دعاءه إذ جعل النسوة في ذريته وهم أهل الصلاة
«رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ» إذا تابا وأنابا وأسلما لك، وهذا قبل أن يتبين له أنهما من أصحاب الجحيم، ولأنهما وعداه أن يؤمنا به وبربه. أما استغفاره لنفسه مع علمه أنه معصوم من الذنب فهو بقصد الالتجاء إلى ربه والاتكال عليه، ولما يظن أن ما قاله في جملة (بل فعله كبيرهم) في الآية ٦٣ من الأنبياء الآتية، والآية ٨٩ من سورة الصافّات المارة وهي (إني سقيم) وقوله للجبار عن زوجته هذه أختي يريد بالخلقة والدين- تستوجب الاستغفار، لأنه من الأبرار، وإن حسنات