الأبرار سيئات المقرّبين «وَلِلْمُؤْمِنِينَ» جميعهم اغفر يا رب، وهذا تعميم بعد تخصيص لأنه داخل فيهم دخولا أوليا، وفي هذه الآية بشارة عظيمة لجميع المؤمنين لأن الله تعالى أكرم من أن يردّ دعاء خليله، وستظهر ثمرة هذا الغفران «يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ» ٤١ أسند القيام إليه مجازا على حدّ قوله (واسأل القرية) أي أهل الحساب، لأن القيام منهم وهذا مما لا يخالف الظاهر، لأن من المعلوم أن القرية لا تسأل والحساب لا يقوم، لأنه معنى، والقيام للأجسام لا للمعاني، قال تعالى «وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ» حاشا، بل هو مطلع عليهم ومحص أعمالهم، ولكنه تعالى «إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ» للتقاصّ منهم «لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ» ٤٢ لجهة العلو لما يرون من الهول الذي يدهشهم ويحيرهم، وشخوصها بقاؤها مفتوحة لا تطرف حال كونهم «مُهْطِعِينَ» مسرعين بمشيهم إلى جهة الداعي مهرولين وراءه، لا يعرفون ما هو مصيرهم كالنعم حين يسوقها الجزار إلى المذبح، بخلاف حال الدنيا فإن من يشخص منهم بصره يقف مبهوتا لا يقدر على الحركة، وأهل الآخرة على العكس، فإنهم يمشون مسرعين، وهذا من جملة عجائب أحوال أهل ذلك اليوم «مُقْنِعِي» رافعي «رُؤُسِهِمْ» إلى السماء، وهذا أيضا على خلاف عادة أهل الدنيا، لأن من يتوقع منهم شيئا يخافه يطرق رأسه إلى الأرض «لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ» للنظر على أنفسهم بل يبقى شاخصا من شدة الفزع، وسبب رفعها إلى السماء توقع نزول شيء منها عليهم، إذ ينزل العرش الإلهي محمولا على الملائكة ويوضع في الموقف لفصل القضاء بين الناس، وأما الذين يعتريهم الخوف فيكونون هم «وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ» ٤٣ أي قلوبهم خالية فارغة لا تفكر بشيء، ولا تعقل شيئا، أجارنا الله من هول ذلك اليوم. والفؤاد هو الجؤجؤ، قال زهير: