موسى لفتاه «ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ» من المكان الذي نطلبه «فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً» ٦٤ حتى وصلا إلى الصخرة، فإذا رجل مسجّى بثوب وهو المعني بقوله تعالى «فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا» هو الخضر عليه السلام واسمه بليا بن ملكان، وقالوا إن من عرف اسمه واسم أبيه ومات مسلما دخل الجنة، نقله الباجوري في حاشيته على شرح ابن قاسم، ونقل ابن زياد في فتاويه غاية بلوغ المرام عن العلامة أحمد بن زيد الجيش من كتب (علي عليه السلام ولد في ١٠ رجب سنة ٣٠ من عام الفيل دخل الجنة) والله يرزق من يشاء بغير حساب إذا أراد فعل، ثم وصف ذلك العبد بقوله «آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً» ٦٥ وهو الإخبار بالمغيبات التي خصه الله بها، قالوا فلم عليه موسى فقال عليه السلام، وانا بأرضنا السلام، ثم رد عليه وقال من أنت؟ قال موسى، قال موسى بني إسرائيل، قال نعم، قال وما شأنك «قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً» ٦٦ وقد ثبت عن حضرة الرسول أن هذا هو الخضر عليه السلام، روى البخاري عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلّي الله عليه وسلم إنما سمي خضرا لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز تحته خضراء (الفروة القطعة من النبات اليابس المجتمع، وتطلق على وجه الأرض أيضا) قالوا وكنيته أبو العباس وكان من أبناء الملوك الأقدمين الذين تزهدوا وتركوا الدنيا، قالوا قال يا موسى أما يكفيك التوراة والوحي وتكليم الله لك، قال إن ربي أرسلني إليك، ثم قال له من أين عرفتني موسى نبي إسرائيل، قال عرّفني الذي أرسلك إليّ ثم «قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً» ٦٧ يا موسى لأني على علم علمنيه ربي لا تعرفه «وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً» ٦٨ ولا تقدر أن تعرفه لأنك على علم علمكه الله لا أعلمه أنا وقد أعمل بخلافه لأنك تنظر إلى ظاهر الأمور وأنا إلى باطنها «قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً» استثنى عليه السلام لعدم وثوقه من نفسه بالصبر، ثم قال «وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً» ٦٩ من الأمور ولا أخالفك في شيء تريده لأني جئتك متعلما
«قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ» يتعلق بصفات الألوهية الذي لا يحل السؤال عنه