للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ» ١٥٥ لكم يوم ولها يوم فلا تزاحموها عليه وهي آية على نبوتي «وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ» من ضرب أو نهر أو منع عن الورود والمرعى، فإذا فعلتم شيئا من ذلك «فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ» ١٥٦ فلم يعبأوا بقوله فعمدوا إليها «فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ» ١٥٧ إذ شاهدوا العذاب أظلهم.

[مطلب في إيمان اليأس والتأدب بآداب القرآن وآداب المنزل عليه:]

وكان ندمهم ندم خوف لا ندم توبة، والتوبة لا تنفع عند نزول العذاب، راجع قوله تعالى (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) إلخ الآية ١٨ من سورة النساء في ج ٣، وقال في بدء الأمالي:

وما إيمان يأس حال يأس ... بمقبول لقصد الامتثال

فالإيمان عند معاينة العذاب لا قيمة له، كما سيأتي في الآية المذكورة، لذلك قال تعالى «فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ» المعهود المبين في الآية ٧٩ من الأعراف المارة، «إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ٥٨ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ١٥٩ تقدم تفسيره، قال تعالى «كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ» ١٦٠ هو بن هاران بن عم ابراهيم عليهم السّلام وقد هاجر معه إلى الشام فأنزله الأردن، فأرسله الله إلى أهل سدوم وما يتبعها، وهو أجنبي عنهم، إلا أنه صاهرهم، وهؤلاء المرسل إليهم كذبوا قبله ابراهيم ومن قبله، وكذبوه هو «إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ» بالخلقة لا بالدين ولا بالنّسب، ومعناه هنا صاحبهم كما يقال يا أخا العرب، يا أخا تميم، وعليه قوله:

لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... في النائبات على ما قال برهانا

وهو لوط عليه السّلام بدل من أخوهم ثم فسر ما قاله لهم بقوله «أَلا تَتَّقُونَ ١٦١

إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ١٦٢ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ١٦٣ وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ» ١٦٤ الذي أرسلني إليكم، لأرشدكم الى ما فيه صلاحكم، وقال لهم على طريق الاستفهام الانكاري «أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ» ١٦٥ عبر بالإتيان عن اجراء الفحش ليعلم قومه الأدب في المخاطبات، ولينبههم على ان هذا الفعل قبيح بنفسه ولفظه ليتحاشوا عنه وعن ذكره. هذا، وان الله تعالى عبر

<<  <  ج: ص:  >  >>