بل أوقع في قلوبهم أنه صار بحكم الميت وأن حجتهم التي احتجوا بها لأبيهم تمت لئلا يظهر كذبهم لأمر أراده الله، ولا يكون إلا ما أراده، وقد اشتمل عمل أولاد يعقوب بأخيهم على عدة جرائم: ١- قطيعة الرحم ٢- وعقوق الوالد ٣- وقلة الرأفة بالصغير الذي لا ذنب له ٤- والغدر بالأمانة ٥- وترك الوفاء بالعهد ٦- والكذب ٧- وبيع الحر ٨- والافتراء بأنه عبد أبق منهم ٩ وقصد القتل دون جرم ١٠- واجتماعهم على هذه الخصال التي كل واحدة منها موجبة لغضب الله فضلا عن كذبهم على أبيهم فيما أخبروه به، ومع هذا فإن الله واسع الرحمة عفا عنهم وشرفهم بالنبوة وبارك في ذريتهم وجعل فيها الملك والنبوة، وذلك لصلاح والدهم وعفوه عنهم واستغفاره لهم واستغفار أخيهم لهم وعفوه عنهم حال القدرة، فصلاح الوالدين نافع بالدنيا والآخرة
قال تعالى (أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) الآية ٢٠ من الطور وبمعناها الآية من سورة المؤمن والآية ١٤١ من سورة الكهف الآتيات، ألا فلا يقنط أحد أو بيأس من رحمة الله ولو عمل ما عمل إذا تاب وأصلح ورد المظالم لأهلها، راجع ما قدمناه في الآية ٧٠ من سورة الفرقان ج ١ وهذا من عظيم فضل الله الذي ألمعنا إليه في الآية ١٢ من سورة القصص وقرىء يا بشراي أي على إضافة البشرى لنفسه، أو على كونه اسم غلام عنده، وبعضهم أعاد ضمير (وَشَرَوْهُ) إلى مالك المذكور وبعض رفاقه من السيارة، أي خبأوه وجعلوه بضاعة ليبيعوه ويختصوا بثمنه دون بقية السيارة، وبعضهم فسر (شَرَوْهُ) بباعوه، وما مشبنا عليه أوفق لظاهر القرآن وأنسب للمعنى. قال تعالى «وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ» بعد وصوله إليها واسمه قطفير ويلقب بالعزيز «لِامْرَأَتِهِ» زليخا بنت يمليخا وقيل راعيل بنت رعابيل، ومقول القول «أَكْرِمِي مَثْواهُ» إقامته عندك وقدمي له أحسن الطعام والشراب واكسيه أفخر الحلل وا أمري له بألين الفراش لأن فراستي فيه عظيمة ونحن ليس لنا ولد «عَسى أَنْ يَنْفَعَنا» في مصالحنا أو نربح به إذا أردنا بيعه «أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً» إذا تبين لنا صلاحه، وكان لا يولد لها وذلك لما رأى من سيماه وأخلاقه وما هو عليه من الحسن والأدب، قال ابن مسعود: أفرس الناس ثلاثة العزيز في يوسف، وابنة شعيب في موسى،