هذه الأشياء من الأمراض، وما يفضي إليه من ترد وهدم وغرق وحرق وقتل وشبهها، وقد قدر الله تعالى هذا لعمر الإنسان، لأن الحيوان بعيش في الغالب سبعة أمثال مدة بلوغه، وأكثر، وأقل، بحسب ما هو مقدر عند الله من الأجل المبرم والمعلق، وزمن بلوغ الإنسان على القول الوسط خمس عشرة سنة، فتكون مع سبعة أمثالها مئة وعشرين، وهو معنى القرن، وكثيرا ما يقضون قبل ذلك بما يقدره الله عليهم من تلك العوارض، وكثيرا ما يعيشون أكثر، وقد عاش شيخنا الشّيخ حسين الأزهري مفتي الفرات سابفا مئة وسبعا وعشرين سنة مستجمعا كمال حواسه العشرة، ولم يعتره شيء من أمارات الهرم، رحمه الله، وبلّغنا ما بلغه، وجعل لنا لسان صدق مثله.
ثم قسم الله المنافقين ثلاثة أقسام ذكر الأوّل بقوله عز قوله «وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ» المحيطين بالمدينة «مُنافِقُونَ» يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر وهم من مزينة وجهينة وأسجع وغفار وأسلم أي القليل منهم، بدليل لفظ من التبعيضية، والكثير منهم ممدوحون كما مر في الحديث السّابق عقب الآية (٩٩) المارة الدّالة على مدحهم، وفي هذا القسم المذموم الممقوت المذكورون في قوله تعالى «وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ» منافقون «مَرَدُوا» تمرنوا واعتادوا «عَلَى النِّفاقِ» وهم من الأوس والخزرج، وأنت يا سيد المرسلين «لا تَعْلَمُهُمْ» لأنهم يظهرون لك الإيمان والإخلاص والصّدق والطّاعة والحمية ولكن «نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ» لأنا مطلعين على ما تكنّه صدورهم من الكفر والغش والبغض والكذب والعصيان ولهذا فإنا «سَنُعَذِّبُهُمْ» على تزويرهم هذا، وخداعهم لك «مَرَّتَيْنِ» الفضيحة والخزي والهوان والعار والشّتار في الدّنيا، والعذاب الدّائم المقيم مدة البرزخ في القبر وكلا هذين العذابين في الدّنيا، لأن مدة البرزخ من أيامها، وعلى هذا عامة المفسرين يؤيده قوله تعالى، ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ» (١٠١) في الآخرة لأنها محل ردّ كل الخلق فإنه مكان مكافآتهم ومجازاتهم، وهذه الآية من الآيات الصّريحة الدّالة على عذاب القبر، راجع الآية ٤٦ من سورة المؤمن المارة في ج ٢. واعلم أن هذه الآية تشير إلى أن حضرة الرّسول صلّى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، وأن كلّ ما يخبر به هو