للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزعم بعض كفرة العرب، وهذا هو الذي يرتضيه الله تعالى لا غيره، ومعنى حنيفا مائلا عن كل الأديان إلى دين الإسلام وعليه قوله:

ولكنا خلقنا إذ خلقنا ... حنيفا ديننا عن كل دين

[مطلب كيفية الإيمان والإسلام والمعمودية ومن سنها وتحويل القبلة وأن الشهادة قد تكون بلا مشاهدة ومنها شهادة خزيمة:]

قال تعالى مخاطبا سيد المخاطبين «قُولُوا آمَنَّا» كلنا أنا وأنتم ومن على وجه الأرض «بِاللَّهِ» وحده «وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا» من القرآن «وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ» من الصحف «وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ» الإثني عشر من الأحكام «وَما أُوتِيَ مُوسى» من التوراة «وَعِيسى» من الإنجيل «وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ» قبلهم من الوصايا «مِنْ رَبِّهِمْ» كزبور داود عليه السلام لأنهم كلهم على هدى منه يأتمرون بأوامره وينتهون عن نواهيه، وقولوا أيضا «لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ» كاليهود والنصارى وغيرهم بل نؤمن بهم كلهم ونصدق بما جاءوا به كله «وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ١٣٦» له بالعبودية مذعنون مخبتون خاضعون له بالعبادة «فَإِنْ آمَنُوا» هؤلاء المخاطبون «بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ» يا محمد أي بجميع الرسل والكتب «فَقَدِ اهْتَدَوْا» إلى الدين الحق مثلكم «وَإِنْ تَوَلَّوْا» عن هذا الإيمان وأعرضوا عنه أو عن شيء منه «فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ» خلاف عظيم وجدال كبير عداء بكم، وعنادا لكم، وحسدا بما أوتيتم، ومحاربة لله ورسوله، ونزاعا مع المؤمنين، وإذا تولوا ورضوا بما عندهم ولم يصغوا لإرشادكم، فاتركهم «فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ» بالقهر والغلبة عليهم والعزة والظفر لكم «وَهُوَ السَّمِيعُ» لما تريدونه منهم من الخير «الْعَلِيمُ ١٣٧» بمن يقبله منكم أو يرده عليكم. وهذه الآية ضمان من الله تعالى لرسوله بالنصر، وإظهار لكلمته عليهم، وهي من الإخبار بالغيب لتحققه بعد نزول هذه الآية بثلاث سنين، إذ غزا بني النضير بالسنة الرابعة من الهجرة. ونزول هذه السورة كان في السنة الأولى منها، وأجلاهم عن بلادهم، ثم غزا بني قريظة وسباهم وضرب

<<  <  ج: ص:  >  >>