فيرحمهم ويحسن إليهم ويتفضل عليهم لوفائهم بما عاهدوا الله عليه وآمنوا بما بلغهم عن رسوله وصدقوا بما جاءهم من عنده «وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً»(٧٣) لأمثالهم من عباده، ولا يزال كذلك. هذا آخر سورة الأحزاب وهي بحذافيرها كما أنزلها الله على رسوله بواسطة أمينه، فمن قال إن الأرضة أكلت قسما منها وهي في بيت
عائشة، وان الكتاب دونوا ما وجدوه منها فهو ملحد منافق قد افترى على الله ورسوله بما قال وكلامه مردود عليه من وجوه، أولا إذا كان طرأ على شيء منها في بيت عائشة فهل طرأ على ما كان عند الكتاب من النسخ، لأنهم كانوا يكتبون لرسول الله ويحتفظون بنسخ عندهم، ثانيا هل رفعت من قلوب الحفاظ الذين كانوا يحفظون القرآن كما تلقوه من حضرة الرسول ويتدارسونه بينهم صباح مساء، ثالثا هل يخفى ذلك على الخلفاء الراشدين الذين يقرأون القرآن آناء الليل وأطراف النهار وهلا اطلعوا عليه حينما نقلوا الصحف من بيت عائشة إلى بيت حفصة إلى أن أعطاها الخليفة عثمان إلى القراء الأمناء حين نسخوه على المصاحف والإسلام ناشر رواقه، رابعا أغفل هذا الخبيث عن قوله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) الآية ٩ من سورة الحجر ج ٢ ويتفوه بذلك مع تعهد الله بحفظه وهل يشك في هذا العهد إلا كافر مارق؟ ألا لا يلتفت إلى أقوال هؤلاء لأنهم لا أمانة لهم ولا صدق عندهم وهم أشبه باليهود الذين يحرفون كلام الله بعد ما عقلوه، قاتلهم الله وأضرابهم وجعل سجين مأواهم ومثواهم. هذا وقد أشرنا في المقدمة في بحث النزول وفي الآية المذكورة آنفا والآية ٤٢ من سورة حم السجدة في ج ٢ إلى ما يتعلق بهذا البحث فراجعه. ويوجد ثلاث سور محتومة بما ختمت به هذه السورة من اللفظ العظيم هذه والأنعام والمزمل. هذا والله أعلم، واستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلّى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذرياته أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
تفسير سورة الممتحنة عدد ٥- ٩١ و ٦٠
نزلت بالمدينة بعد الأحزاب وهي ثلاث عشرة آية وثلاثمائة وأربعون كلمة، وألف وخمسمائة وعشرة أحرف، ويوجد في القرآن عشر سور مبدوءة بيا أيها: هذه والنساء