للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توطأ أرضهم، فيقدمون على الجهاد بحزم وعزم، فيبطشون ويظفرون، فيكون منهم الملوك والأمراء والأنبياء. قالوا إن الله أوحى إلى موسى عليه السّلام حين سجد وأخوه (بي حلفت لأحرمن عليهم دخول الأرض المقدسة غير عبدي يوشع وكالب، ولآتيهنهم في هذه البرية أربعين سنة مكان كلّ يوم سنة، ولألقين جيفهم في هذا الفضاء، أما أبناؤهم الّذين لم يعملوا الشّر فسيدخلونها) قالوا وكانت أرض التيه تسعة فراسخ في ثلاثين فرسخا، وكان القوم ستمئة الف، وكانوا يرحلون اليوم كله فإذا أمسوا وجدوا أنفسهم بمكانهم، وهذا من باب فوق العادة لأنه معجزة لرسولهم عقابا لعنادهم وجزاء لعصيانهم، قالوا ثم شكوا إلى موسى الضّنك الذي لا قوة في تيههم من الجوع والعطش والتعب، فدعا الله ربه، فأنزل عليهم المنّ والسّلوى وظللهم بالغمام وأمر موسى بضرب الحجر فضربها فتفجرت عن اثنتي عشرة عينا لكل سبط عين، وجعل كسوتهم قائمة معهم لا تخلق وتكبر مع كبرهم وهذه

أيضا من جملة المعجزات التي أظهرها الله لنبيهم في التيه، ومن خوارق عوائد الله تعالى ولا شيء عليه بعزيز، فانظر رعاك الله تلطف موسى بقومه ورحمته بهم على ما هو عليه من الشّدة وما هم عليه من التعنت والخلاف لأمره وأمر ربه، وهذا مما يطمع العباد في ربهم، اللهم لا تغفلنا عن مكرك، ولا تنسنا ذكرك، واسبل علينا سترك، وانشر علينا رحمتك، ولا تؤاخذنا بسوء أعمالنا وأفعال السّفهاء منا برحمتك يا أرحم الرّاحمين.

مطلب موت هارون وموسى عليهما السّلام وقصة ولدي آدم عليه السّلام:

قالوا ومات في التيه كلّ من دخله مجاوزا عمره العشرين سنة غير يوشع وكالب ولم يدخل أريحا منهم ممن قال لن ندخلها أبدا، وكان موسى وهرون ممن مات في التيه أيضا، قالوا ولما أراد الله وفاة هرون أوحى الله إلى موسى عليهما السّلام أن ائت بهارون إلى جبل كذا، فلما أتاه به وجد هارون شجرة ومبيتا فيه فراش على سرير فيه رائحة طيبة، فأعجبه ونام عليه، فلما أحس بالموت قال يا موسى خدعتني، وقبض الله روحه ورفع إلى السّماء ورجع موسى إلى بنى إسرائيل، فسألوه عن هرون فقال لهم مات فاتهموه بقتله، فدعا الله فأنزل لهم ذلك السّرير

<<  <  ج: ص:  >  >>