وعليه هرون ميتا فصدقوه، ثم رفع ولم يعلم موضع قبره في الأرض أي محل قبض روحه، ثم نبأ الله يوشع عليه السّلام فصار موسى يغدو ويروح عليه حتى كره الحياة وأحب الموت بعد أن كان يكرهه، قالوا إن الله تعالى قال لموسى ضع يدك على متن ثور فلك بكل ما غطست يداك من شعرة سنة، قال أي رب ثم مه؟ قال ثم الموت، قال إذا فالآن، وسأل ربه أن يدنيه من الأراضي المقدسة رمية حجر، فمر برهط من الملائكة يحفرون قبرا لم ير أحسن منه؟
فقال لمن هذا؟ قالوا لعبد كريم على ربه، فقال هذا العبد من الله بمنزلة ما رأيت كاليوم قط مثلها، فقالوا يا صفي الله أتحب أن يكون لك، قال وددت، قالوا فأنزل فنزل واضطجع فيه وتوجه إلى ربه عز وجل ثم تنفس أسهل تنفس فقبض الله روحه الطّاهرة عليه الصّلاة والسّلام، ودفن فيه وهو تحت الكثيب الأحمر، وكان عمره مائة وستة وعشرين سنة، وهرون أكبر منه، قالوا وبعد مضي الأربعين سنة دعى يوشع بني إسرائيل لحرب الجبارين فلبوا دعوته فسار بهم وكان معه تابوت الميثاق، فأحاط بأريحاء ستة أشهر حتى أسقط سور المدينة، ودخلوها عتوة، وقتلوا الجبارين وهزموهم، قالوا وقبل أن يقضوا عليهم قاربت الشّمس على الغياب، وكان يوم جمعة فدعا يوشع عليه السّلام ربه فأخرها حتى تم له الانتقام من أعدائه قبل دخول السّبت المحرم عليهم فيه القتال. وقال مشيرا إلى هذا أمير الشّعراء السّيد شوقي المصري بقوله:
شيعوا الشّمس ومالوا بضحاها ... فانحنى الشّرق عليها فبكاها
ليتني في الرّكب لما أفلت ... يوشع همت فنادى فثناها
إلى آخر الأبيات التي رثى بها سعد زغلول رحمهما الله، وقال الآخر:
فحدثت نفسي أنها الشّمس أشرقت ... وإني قد أوتيت آية يوشع
بما يدل على أن قضية رد الشّمس شائعة متواترة مشهورة لسيدنا يوشع كما هي لسيدنا داود عليهم الصّلاة والسّلام، راجع ما قدمناه مما يتعلق في هذا البحث في الآية ٣١ من سورة ص، وأول سورتي القمر والإسراء في ج ١، ثم تتبع ملوك الشام فاجتاح منهم واحدا وثلاثين ملكا واستولى على بلادهم وصارت كلها لبني