نزلت في مكة بعد الأعراف، وهي ثمان وعشرون آية، ومائتان وخمس وثمانون كلمة، وثمانمائة وسبعون حرفا، لا ناسخ ولا منسوخ فيها، ومثلها في عدد الآي سورة نوح، وبينا السور المبدوءة بكلمة قل وما يتعلق فيها في سورة الكافرين فراجعها.
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
قال تعالى يا سيد الرسل «قُلْ» لقومك وغيرهم من الإنس والجن والملائكة «أُوحِيَ» اليوم «إِلَيَّ» من ربي «أَنَّهُ اسْتَمَعَ» قراءة القرآن بدلالة ذكره بعده وهذا مما حسن حذفه «نَفَرٌ» قال في المجمل النفر والرهط يستعمل إلى الأربعين، وقد وهم الحريري بقوله إنه يطلق على ما فوق العشرة وغلط غيره القائل بأنه ما بين الثلاثة إلى العشرة، واعلم أنه لا يختص بالرجال ولا بالناس كما قاله الآخرون لإطلاقه هنا على الجن، والفرق بينه وبين الرهط بأن الرهط يرجعون لأب واحد والنفر لآباء متفرقين، وهما اسما جمع لا واحد له من لفظه «مِنَ الْجِنِّ» وهم فصيلة على حدة قال تعالى (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ (مِنْ قَبْلُ) مِنْ نارِ السَّمُومِ) الآية ٢٨ من سور الحجر في ج ٢، وقد نسب إبليس عليه اللعنة إلى هذه الفصيلة بدليل قوله تعالى (كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) الآية ٥٢ من سورة الكهف في ج ٢ أيضا. هذا، وقد أمر سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يظهر لأصحابه رضوان الله عليهم واقعة الجن هذه معه ويطلعهم عليها، ليعلموا عموم رسالته، وأنه كما هو مبعوث إلى الإنس مبعوث إلى الجن أيضا، ولتعلم قريش بأسرها هذا وتحدث به غيرها، وليفطنوا أن الجن مع تمردهم وعتوهم لما سمعوا القرآن