ينزهونه عما لا يليق بجنابه ويقدسونه ويمجدونه بما هو أهله «وَلَهُ يَسْجُدُونَ ٢٠٦» خضوعا وخشوعا لجلاله ويفوزون بهذه الصفات المحمودة المرضية.
مطلب ما قاله بعض الأكابر في هذه الآية:
قال بعض الأكابر إن قوله واذكر ربك في نفسك تضرعا وخفية إشارة إلى أعلى المراتب وهي صفة الواصلين المشاهدين، وقوله سبحانه (ودون الجهر) رمز إلى المرتبة الوسطى وهي نصيب السائرين إلى مقام المشاهدة وقوله جل قوله (وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ) ايماء الى مرتبة النازلين من السالكين وقال مشيرا إلى كلمة (خيفة) :
أشتاقه فإذا بدا ... اطرقت من إجلاله
لا خيفة بل هيبة ... وصيانة لجماله
وقوله عز قوله:(إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) هم المقربون من الملائكة والمفنون أنفسهم به من البشر الباقون به سبحانه وهم أرباب الاستقامة أهل المقام العظيم (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ) لعدم احتجابهم بالأنانية وانمحاقهم بالكيفية والكمية (ويسبحونه) بنفيها (وله يسجدون) بالفناء التام وطمس البقية الباقية من مهجهم، وهذه السجدة من عزائم السجود واجبة على القارئ والمستمع كما نوهنا به آخر سورة والنجم المارة وقد بينا فيها وفي سورة العلق كيفية السجود وما يقرأ فيه بصورة مفصلة. روى البخاري ومسلم عن عبد الله ابن عمر أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن فقرأ سورة فيها سجدة فسجد وسجدنا معه حتى ما يجد بعضنا موضعا لمكان جبهته في غير وقت الصلاة. وروى مسلم عن ابي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول يا ويله أمر ابن آدم في السجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأببت فلي النار. ولا يوجد في القرآن سورة مختومة بهذه اللفظة، هذا، وأستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين.