[مطلب المحرم والمحلل هو الله وأن أمر الرسول هو أمر الله والتحريم لنفع العباد والحكم الشرعي بذلك:]
ولم يحرم الله شيئا منها «نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ» صحيح عن العلم الذي أتاكم من الله وجاءكم رسله بتحريم ذلك «إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ١٤٣» بما حرمتم وحللتم تبعا لأمر الله ورسوله وحاشا الله ورسوله أن يأمرا بذلك ولكنكم كاذبون بنسبة ذلك إليهما «وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهذا» التحريم كلا لم يوصكم ولا حجة لكم على ذلك ولا برهان ولا دليل ثم وبخهم الله على ذلك بقوله «فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ» جهلا منه وجرأة على ربه «إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ١٤٤» إلى طريق الحق ولا يوفقهم إلى الرشد، إذ لا أشد ظلما وأبعد عن السداد ممن يكذب على الله فينسب إليه التحريم والتحليل من حيث لم يحلل ولم يحرم، قال صلّى الله عليه وسلم من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار فكيف من يكذب على الله «قُلْ» يا أكرم الخلق لهؤلاء المفترين «لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ» آكل يأكله «إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً» حتف أنفها أو ما هو في حكم الميتة كالموقوذة والمتردية والنطيحة وغيرها الوارد ذكرها في الآية ٥ من سورة المائدة في ج ٣ من كل ما لم تبق فيه حياة معتبرة ويزكى زكاة شرعية وهذا عام خص منه السمك والجراد كما خص مما بعده الكبد أو الطحال لأنه متجمد خلقة وهو «أَوْ دَماً مَسْفُوحاً» حال الحياة أو عند الذبح أما الذي يبقى في العروق وبين اللحم فهو عفو، وقال صلّى الله عليه وسلم: أحل لكم دمان الكبد والطحال وميتتان السمك والجراد «أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ» قذر نجس ضار أكله يورث الجذام والدودة الوحيدة وقلة الغيرة وأمر آخر لم نطلع عليه بعد وكذلك الميتة والدم تورث أضرارا في الوجود لأن الله تعالى لم يحرم علينا شيئا إلا لمنفعتنا، على أنه لو فرض أن لا ضرر فيما حرم الله فيجب علينا اجتنابه امتثالا لأمره ولا حق للعبد أن يقول لم حرّم الخالق، ولا أن نطلب العلة بالتحريم، لأن أفعال الله