نزلت في مكة بعد الضحى، وقيل إنها نزلت متصلة بها، ولم يفرق بينها بالبسملة وليس بشيء، وهذا كالقول بأن سورة براءة نزلت متصلة بالأنفال وهو غير صحيح أيضا بل كل منها نزل على حدة، وقد ثبت بالتواتر أن سور القرآن ١١٤ سورة، فإذا جعلنا هاتين السورتين متصلتين ينقص العدد، وهو غير جائز وسنأتي على بيان هذا مفصلا في سورة قريش الآتية إذ قيل إنها نزلت متصلة بالفيل وفي سورة براءة في ج ٣، وهي ثماني آيات، ومثلها في العدد التكاثر والزلزلة والبينة والتين، وسبع وعشرون كلمة، ومائة وثلاثة أحرف، ويوجد في القرآن سورة أخرى مبدوءة بما بدئت به وهي الفيل الآتية، وسورة البينة بلم النافية دون همزة الاستفهام. وتسمى سورة الشرح وألم نشرح أيضا، لا ناسخ ولا منسوخ فيها.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
قال تعالى:«أَلَمْ» استفهام تقريري لا يجاب إلا ببلى «نَشْرَحْ» نفسح ونشق «لَكَ» يا سيد الرسل «صَدْرَكَ ١» كي يحوي عالم الغيب والشهادة نوعهما فيهما، ولذلك صار لم يعقه التعلق بمصالح الخلق عن الاستغراق في شؤون الحق لما أودعنا فيه من العلوم والحكم حينما شقه أميننا جبريل فوسع هموم النبوة ودعوة الثقلين، وأزلنا عنك الضيق والخرج لتكون لين الجانب لا يستفزّك الغضب، وقد وقع له صلّى الله عليه وسلم الشرح فعلا ثلاث مرات.
مطلب شرح صدره الشريف:
المسألة الأولى عند ما كان عند ظئره حليمة، فقد روى مسلم عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه، فشق عن قلبه فاستخرجه واستخرج منه علقة فقال هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه، ثم أعاده إلى مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه فقالوا إن محمدا قد قتل، فاستقبلوه ممتقع اللون وسألوه فقص عليهم ما ذكر أنس، وقد كنت أرى أثر المخيط في صدره. والأخريان سنأتي على ذكرهما أول الإسراء الآتية خشية التكرار فراجعهما «وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ ٢»