للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في سورة يس وغيرها «قُلْ» يا سيد الرسل لهؤلاء المستعجلين ما بسوءهم المستبعدين ما تهددهم به من الشقاء «لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً» أي لا أقدر على شيء لنفسي فكيف أقدر أن أنفعكم أو أوقع بكم ما هددتكم به، لأن الأمر فيه لله، وقدم في هذه الآية الضر على النفع وفي الآية ١٨٨ من الأعراف المارة في ج ١ النفع على الضر لأن المقام يستدعي ذلك هنا وهناك، أي ليس لي

شيء من الأمر كله «إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ» أن يملكنيه بتقديره إياي على فعله، لأن إنزال العذاب بالأعداء والنصرة للأولياء لا يكونان إلا بتقدير الله تعالى وقضائه لا قدرة للبشر على شيء من ذلك. وإن علم الساعة التي يكون فيها ذلك العذاب الموعود به من خصائصه أيضا لا علم لأحد بوقت قيامها، لأنه لم يطلع أحدا من خلقه على غيبه ولكن «لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ» معين عند الله، شرا كان أو خيرا ف «إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ» المحتم لنجاتهم أو عذابهم، واستوفوا ما قدره لهم من البقاء في هذه الدنيا كاملا نزل بهم، وإذ ذاك «فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً» عنه ولا لحظة «وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ٤٩» عنه، وليس المراد هنا بالساعة الساعة الزمانية، راجع الآية ٣٣ من سورة الأعراف المارة في ج ١ «قُلْ» يا محمد لهؤلاء الباحثين عن حتفهم نطلقهم «أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ» هذا الذي أوعدكم به «بَياتاً» ليلا وأنتم غافلون في فرشكم «أَوْ نَهاراً» بأن باغتكم به على حين غرّة وأنتم قائمون بأعمالكم وقد عمكم به «ماذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ» وأي شيء يريد به «الْمُجْرِمُونَ ٥٠» إذا وقعوا فيه، وما الذي يستعجلون من أنواعه فكله مكروه لا يرغب بنوع من أنواعه فكيف تردون حلوله بكم وهو مر المذاق شديد الخناق

«أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ» فيكم ذلك العذاب ورأيتم ألمه وشدته «آمَنْتُمْ بِهِ» وصدقتم بنزوله من قبل الله وأردتم الإيمان بالله فلا يقبل منكم، لأن وقت نزوله وقت بأس لا تقبل فيه التوبة والرجوع إلى الله، وسيقال لكم «آلْآنَ» تؤمنون وقد فاتكم وقت الإيمان «وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ٥١» لأنكم لا تصدقون أن هناك عذابا وتسخرون بالرسل حينما يخوفونكم به «ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا» أنفسهم بتكذيب الرسل وإنكارهم الإله من قبل ملائكة العذاب «ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ» الدائم

<<  <  ج: ص:  >  >>