بعضهم إن هذه الآية تشير إلى فتح مكة اعلموا أنه لا يستوي منكم من قام بالإنفاق «وَقاتَلَ» قبله ممن أنفق وقاتل بعده إذ قد لا تكون حاجة ماسة بعد الفتح بسبب ما يفتحه الله عليهم من البلاد ويقيض عليهم من أبواب الرّزق وما يفيضه عليهم من المال بعد ذلك فلم يحتاجوا إليكم «أُولئِكَ» المقاتلون المنفقون حال الضّيق والشّدة والقلة والحاجة «أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا» بعد الظّفر وكثرة المسلمين والمال «وَكُلًّا» من الفريقين «وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى» المنزلة الحسنة التي لا أحسن منها وهي الجنّة ولكنها درجات متفاوتة بحسب الأعمال «وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ»(١٠) نزلت هذه الآية في أبي بكر الصّديق لأنه أول من أسلم وأول من أنفق وأول من ذب عن رسول الله بنفسه وماله وأولها في حادثة الغار وآخرها في واقعة تبوك. روى البغوي بإسناد التغلبي عن ابن عمر قال كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أبو بكر وعليه عباءة قد خللها في صدره بخلال، فنزل جبريل فقال مالي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خللها في صدره بخلال فقال أنفق ماله عليّ قبل الفتح، قال فإن الله عز وجل يقول اقرأ عليه السّلام وقل له أرضا أنت عني في فقرك هذا أم ساخط يا أبا بكر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر إن الله يقرؤك السّلام ويقول لك أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟ فقال أبو بكر أأسخط على ربي إني على ربي راض إني على ربي راض، وهنا يقول المولوية إنه رضي الله عنه قام وفتل على رجل
واحدة فرحا بما سمعه عن ربه ولذلك جعلوا الفتلة بطريقتهم ولكن لم أقف على ما يؤيده.
قال تعالى «مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً» عن طيب نفس. والمراد في هذا القرض الإنفاق في سبيل الله وسمي قرضا ليدل على التزام الجزاء «فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ»(١١) زيادة على المضاعفة والأجر الكريم المفضي لدخول صاحبه إلى دار الكرامة عند ربه مع الشّهداء والصّالحين.
وأعلم أن القرض لا يكون حسنا إلّا إذا جمع فيه أحد عشر خصلة ١- أن يكون في المال الحلال ٢- أن يقرضه وهو محتاج إليه على حبه ٣- أن يكون للأحوج ٤- أن يكتمه ولا يتبعه بمن ولا أذى ٥- أن يقصد به وجه الله ابتغاء مرضاته ٦- أن