لوجه الله على الفقراء والمساكين «لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ» أكبر من كلّ شيء عدا الإيمان الخالص «وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ» وتنفقون مما من به عليكم «وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ» وتخلصوا له العبادة، فأي عذر لكم في عدم إجابته «وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ» على الإيمان به ورسله وكتبه والبعث بعد الموت يوم قال (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) واعترفتم له بذلك راجع الآية ١٧١ من الأعراف في ج ١، فأوفوا أيها النّاس بعهدكم هذا ولا تنقضوا ميثاق ربكم «إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ»(٨) يوما ما لموجب ما فأحرى بكم أن تؤمنوا حالا إذ قامت الحجج على بعثة رسولكم محمد ووجوده كاف للايمان به وبربه، فلا عذر لمن يريد الإيمان بعد بعثته لدليل آخر لأنه برهان لا مزيد عليه واعلموا أن الله الذي أرسله إليكم «هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ» المشار إليه محمد «آياتٍ بَيِّناتٍ» من كلامه القديم الأزلي «لِيُخْرِجَكُمْ» بها إذا اتبعتموها «مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ» من الكفر إلى الإيمان «وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ»(٩) ولذلك يحب إيمانكم رأفة بكم لخلاصكم من النّار وإدخالكم الجنّة «وَما لَكُمْ» أيها النّاس وأي عذر يمنعكم «أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» مما خولكم به من النّعم والحبوب والذهب والفضة دون حول منكم ولا قوة، وأي شيء حدا بكم حتى بخلتم بالعفو من أموالكم على إخوانكم وأقاربكم وفقرائكم ولم تحصلوا على الثواب العظيم عند ربكم في آخرتكم والثناء الجزيل في الدّنيا من أمثالكم قبل أن تموتوا فتحرموا هذا الثناء والثواب، لأنكم لا بد ميتون وتاركون أموالكم ميراثا لغيركم «وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» وما فيها لا يأخذ أحد منه شيئا واعلموا يا عباد الله أنه «لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ» ومن لم ينفق كما لا يستوون عندكم فلا يستوون عند الله بل بينهما بون شاسع «مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ» الظفر الأوّل الذي هو مبدأ الفتوحات وهو صلح الحديبية الذي رأى المسلمون فيه حيفا وميلا لما فيه من الشّروط المجحفة ولم يعلموا أن عاقبته خير وأن الانفجار لا يحصل إلّا من الضّيق وأن الفرج لا يكون غالبا إلّا بعد الشّدة واليسر بعد العسر ولذلك سماء الله فتحا وفيه بشارة إلى فتح مكة له صلى الله عليه وسلم وهو الفتح العظيم، ولهذا قال