يقدم قبائحه وإذا كان كذلك فدعه ولا تعنفه، وأنى يسمع منك فيرتدع وينزجر وهو يريد الإدمان على الفجور حالا ومستقبلا ولا يريد أن يتوب أو ينزع هما هو عليه ومعنى الفجور في
الأصل الميل وسمي الكافر فاجرا لميله عن الحق وكذا الفاسق «يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ ٦» إلى متى يكون استبعادا له فقل له يا حبيبي يكون ذلك لا محالة «فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ ٧» شخص عند الموت لما يشاهد من أهواله وعجائبه قال ذو الرمة: ولو أن لقمان الحكيم تعرضت لعينيه ميّ سافرا كاد يبرق وقرىء برق بكسر الراء أي دهش من شدة الفزع «وَخَسَفَ الْقَمَرُ ٨» ذهب ضوءه بحيلولة الأرض ما بينه وبين الشمس وكذلك كسوف الشمس يكون بحيلولة الأرض بينهما وبين ما تشرق عليه منها. هذا في الدنيا أما بالآخرة وهو المراد هنا فيذهب ضوءه وضوءها ويسقطان يدل عليه قوله «وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ٩» بطلوعهما معا من جهة المغرب وذهاب نورهما ثم يسقطان كسائر الكواكب راجع أول سورة التكوير المارة وللبحث صلة في سورتي الانفطار والانشقاق في ج ٢، وهذا لا يكون بالحيلولة كما يقوله الفلكيون ولا شيء آخر مما يقوله علماء الهيئة حيث تضمحل هناك المعارف والعوارف أما ما قاله الملاحون ان خسوف القمر لا يحصل حال اجتماع الشمس والقمر فهو انكار لقدرة الله القادر أن يجعله منخسفا سواء كانت الأرض متوسطة بينه وبين الشمس أو لم تكن لأن الأجسام متماثلة فيصح على كل منها ما يصح على الآخر، والله قادر على كل الممكنات والمستحيلات، ومن جملة قدرته إزالة ضوء القمر في كل حال، ولهذا لما كسفت الشمس يوم موت إبراهيم، وقال الناس إنها كسفت لأجله لأنهم يزعمون أنها تنكسف لموت عظيم، أو لأمر عظيم وحادث خطير، قال صلّى الله عليه وسلم: إنهما- أي الشمس والقمر- لا ينكسفان لموت أحد أو حياته، وإنهما آيتان يخوّف الله بهما عباده، الحديث. قال تعالى واصفا ذلك الوقت العصيب الذي يحار فيه اللبيب، ويذهل عنه البعيد والقريب «يَقُولُ الْإِنْسانُ» المكذب لذلك «يَوْمَئِذٍ» يوم وقوع هذه الأشياء «أَيْنَ الْمَفَرُّ» والمهرب والمخلص من هذا فيقال