للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبطنون الكفر بدينكم «وَإِذا خَلَوْا» مع قومهم «عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ» الكامن في قلوبهم يود أحدهم أن يقطعه إربا إربا وعض الأنامل عادة النادم الأسيف العاجز عن الانتقام أو تضييع وقته «قُلْ» لهم يا سيد الرسل «مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ» (١١٩) ومخبر نبيه بأحوالكم كلها واعلموا أيها المؤمنون «إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ» من خير ونصر وغيرهما «تَسُؤْهُمْ» حسدا وعدوانا «وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ» من شر وخذلان وشبههما «يَفْرَحُوا بِها» تشفيا فيكم «وَإِنْ تَصْبِرُوا» على أذاهم وتجثنبوا موالاتهم «وَتَتَّقُوا» الله ربكم وتعتصموا به وتتوكلوا عليه فهو خير لكم و «لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً» لأن الله يحفظكم منهم «إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ» (١٢٠) وإنه يخبركم به لتتقوه فلا يضركم كيدهم، نزلت هذه الآيات في رجال من المسلمين كانوا يواصلون اليهود لما بينهم من قرابة ورضاع وصداقة وخلطة في الأموال والسكن قبل الإسلام

ولما أخبرهم حضرة الرسول ارتدعوا وجانبوهم، قال تعالى «وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ» أي خرجت غدوة من بيت زوجتك عائشة لتوطن وتهيء وتمهد و «تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ» مجالس ومواضع «لِلْقِتالِ» للمقاتلين من قومك «وَاللَّهُ سَمِيعٌ» لما تقوله لهم «عَلِيمٌ» (١٢١) بما يقع لك ولأمتك واذكر لهم «إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا» تجنبا عن القتال وتضعفا عن اللقاء وهذا الهمّ من قبيل جيشان النفس لا العزم والتصميم لأنه بمعناه الأخير بعيد عنهم وهم أصحاب محمد وهو معهم وإنما هو على حد قول القائل:

أقول لها إذا جشأت وجاشت ... مكانك تحمدي أو تستريحي

أي حدثت نفسها بذلك، ومما يؤيد هذا قوله تعالى «وَاللَّهُ وَلِيُّهُما» ومن كان الله وليه لا يجبن ولا يضعف كيف وهو ناصرهما وعاصمهما «وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» (١٢٢) ومن يتوكل على الله يكفه ويجعل له من ضيقه مخرجا ويهيء له ما يرومه من حيث لا يحتسب، روى البخاري ومسلم عن جابر قال:

نزلت فينا هذه الآية وقال نحن الطائفتان بنو حارثة وبنو سلمة، وما يسرني

<<  <  ج: ص:  >  >>