أنها لم تنزل لقول الله (وَاللَّهُ وَلِيُّهُما) لما فيها من الشرف لهم بولاية الله.
لما انكسرت قريش في وقعة بدر المار ذكرها في الآية ٨ من سورة الأنفال ورجعوا خائبين قال بعضهم لبعض إن محمدا وتركم وقتل خياركم، وحث بعضهم بعضا على جمع المال واستعدوا للقتال وخرجوا قاصدين المدينة بقيادة أبي سفيان ومعه زوجته هند بنت عتبة حتى نزلوا على شفير الوادي بمقابل المدينة، فاستشار الرسول أصحابه فأشار عليه بعضهم بأن لا يخرجوا إليهم فإذا دخلوا المدينة قتلوهم فيها وأشار الآخرون بالخروج، وكان النبي صلّى الله عليه وسلم أعجبه الرأي الأول لرؤيا رآها وهي أنه رأى في ذباب سيفه ثلما فأوولها هزيمة، ورأى أنه أدخل يده في درع منيعة فأوولها المدينة، إلا أن الآخرين كرروا عليه الخروج، فلبس لامته واستعد، فندم الذين أشاروا عليه وقالوا كيف نشير على نبي يأتيه الوحي واعتذروا وطلبوا إليه العدول عن رأيهم، فقال لا ينبغي لنبي يلبس لا مته فيضعها حتى يقاتل، فخرج النبي صلّى الله عليه وسلم واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم حتى وصل الشوط قريبا من أحد، والشوط حائد عند جبل أحد، انعزل عبد الله بن أبي بن سلول بأصحابه وانخذل راجعا مع المنافقين بحجة أن ليس هناك قتال، ومضى الرسول وأصحابه حتى نزلوا الشعب من أحد، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد، وتهيأ صلّى الله عليه وسلم للقتال، وصف أصحابه كأنما يقوم بهم القدح إن رأى صدرا خارجا أخره، أو داخلا قدمه، وأمرّ على الرماة عبد الله بن جبير وقال له انضح الخيل عنا بالنبل لا يأتوننا من خلفنا إن كان علينا أو لنا، فاثبت مكانك لا يؤتين من قبلك، وعبأ الآخرين وقال لا تقاتلوا حتى نأمركم، ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير، وظاهر صلّى الله عليه وسلم بين درعين، وأكد على عبد الله وأصحابه أن لا يبرحوا مكانهم ولا يتبعوا المدبرين، وقال لن نزال غالبين ما لبثتم في مكانكم، وتعبأت قريش وعلى ميمنتها خالد بن الوليد، وعلى الميسرة عكرمة ابن أبي جهل، وصار النساء يضربن بالدفوف وينشدن الأشعار، فقاتلوا حتى حميت الحرب. وروى البخاري عن البراء بن عازب قال: جعل رسول الله صلّى الله عليه وسلم على الرجالة يوم أحد وكانوا خمسين رجلا وهم الرماة عبد الله بن جبير، فقال إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا من مكانكم هذا، حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا