«قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ» المفروضة عليهم «وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ» ما تيسر منه وتسمح به نفوسهم مما خولناهم من النعم في وجوه البر والخير «سِرًّا وَعَلانِيَةً» وليبادروا فيه «مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ» عليهم وقد نكّره لهول ما يقع فيه يوم «لا بَيْعٌ فِيهِ» ليبتاع المقصر ويتلافى تقصيره ولا فداء فيه ليفتدي نفسه، يوم لا دية فيه، ولا خلاص من العذاب، وعدم إمكان شراء النفس مما حق عليها بخلاف الدنيا الممكن فيها ذلك «وَلا خِلالٌ» ٣١ جمع خلة إذ لا ينفع الصاحب صاحبه، ولا قريب قريبه، يوم تنقطع فيه المودة والقرابة:
[مطلب في الخلة ونفعها وضرها وعدم إحصاء نعم الله على عباده، وظلم الإنسان نفسه:]
هذا وقد نفى الله تعالى في هذه الآية وآية البقرة عدد ٢٥٦ في ج ٣ نفع الخلة، ويراد بها الحاصلة بميل الطبيعة ورعونة النفس، وأثبتها في الآية ٦٦ من الزخرف المارة، لأن المراد بها الخلة الحاصلة بمحبة الله وطاعته، لأنه أثبتها للمتقين وجعل الأولى محض عداء بين المتخالدين لغير الله وعلى سخطه، إذ تكون بلاء خالصا عليهم يوم القيامة، راجع تفسيرها فقيه بحث نفيس جامع مانع نعلم منه أن كل صحبة لغير الله تكون محنة يوم القيامة، قال هرم بن جبان: ما أقبل عبد بقلبه إلى الله عز وجل إلا أقبل بقلوب المؤمنين إليه حتى يرزقه مودتهم. وقال كعب: مكتوب في التوراة لا صحبة لأحد في الأرض حتى يكون ابتداؤهما من الله عز وجل ينزلها على أهل السماء ثم على أهل الأرض، وتصديق ذلك في القرآن قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) الآية ٩٩ من سورة مريم في ج ١ فراجعها أيضا ففيها ما تقرّ به الأعين «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ» أيها الناس ولدوابكم «وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ» فتحملكم وأثقالكم إلى مقاصدكم بأقل زمن وأقل كلفة من البر «وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ» ٣٢ تجرونها حيث شئتم للشفة والسقي والنّضارة وغيرها «وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ» مستمرين على عادتهما من الطلوع والغياب بصورة مطّردة وحالة