دائمة لمنافعكم أيضا، إذ أودع الله فيهما ما أودع من التأثيرات من نضج الثمار وطعمها ولونها وإخراج النبات وأشياء أخرى مما علمه البشر وما لم يعلمه بعد «وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ» ٣٣ لتنتفعوا بكل منهما، راجع الآية ١٢ من الإسراء في ج ١ تقف على فوائدها التي اطلع عليها البشر، ولهما فوائد أخرى تعلم فيما بعد، لأن الدنيا لم تكمل بعد، لأنها. لا تخرب إلا بعد كمالها، راجع الآية ٤٤ من سورة يونس المارة «وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ» وما لم تسألوه لأنكم لا تعرفون كل النعم التي أنعمها عليكم إلا بعد حدوثها، ومن أين لنا أن نعرف الكثرى والموز والبرتقال والخوخ وغيرها قبل أن نراها، وحتى الآن يوجد ثمار لا نعرفها «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها» لأنها كثيرة جدا فلا تطيقوا عدها إجمالا فضلا عن التفصيل «إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ» ٣٤ أنعم الله ظلام لنفسه ولغيره، وبعد أن ذكر الله تعالى أحوال الكافرين بنعمه وأمر المؤمنين بإقامة مراسم الطاعة شكرا لها لما فيها من تفضيلهم وتكريمهم على الخلق كافة، وبين لهم أن الشكر والطاعة من النعم العظام والمنن الجسام لمن ثابو عليها، حثا للمؤمنين على المداومة عليها، وتقريعا للكافرين والعصاة المخلّين بهما، ختم الآية بقوله (ظلوم كفار) يريد أن جنس الإنسان مجبول على هاتين الخصلتين، على أن الآية ١٨ من سورة النحل المارة ختمت بقوله (إن الله لغفور رحيم) ليتعظ هذا الظلوم الكفار بهذه النعم ويرتدع عن غيه ويجنح إلى مغفرة ربه ويتوب من كفره. فانظروا رعاكم الله أيجوز عصيان هذا الإله الخالق لهذه الأشياء ومذللها لكم وجاعل منافعها العظيمة لتأمين راحتكم والتوسع عليكم، فاحمدوا هذا الرب الذي يمهل من عصاه وكفر نعمه ليتوب إليه ويرجع عن غيه رحمة به، ويثيب من أطاعه كرامة له وفضلا ليزيد في طاعته، فبعد هذا كله أيجوز عصيانه؟ كلا ثم كلا. وهذه الآية عامة أيضا لأن المراد بالإنسان جنسه لا خصوص أبي جهل وأضرابه كما ذكر بعض المفسرين، على أنه وأمثاله داخلون في معناها دخولا أوليا «وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ» أي اذكر يا محمد لقومك قول جدك الكريم «رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً» صيّره وما حوله من الخوف إلى الأمن، وآية البقرة ١٤٧ في ج ٣ (اللهم اجعل هذا بلدا آمنا)