«وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ» من الميل إلى بعضهن «وَكانَ اللَّهُ» ولم يزل «عَلِيماً» بأن في هذا إصلاح لحال أزواجك معك «حَلِيماً»(٥١) بما خصك به دون سائر خلقه لأنه قاطع لكلامهن.
[مطلب منع النبي من الزواج والطلاق ورؤية المخطوبة وجواز الرؤية للمرأة في تسع مواضع وما أحدث في زماننا:]
قال تعالى «لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ» هؤلاء اللاتي عندك حال نزول هذه الآية وكن تسعا وهو النصاب بالنسبة له صلّى الله عليه وسلم. وقال الشيعة بجواز التسعة لسائر المؤمنين. وسيأتي بحث هذا في الآية الثانية من سورة النساء إن شاء الله «وَلا» يحل لك أيها الرسول أيضا «أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ» بأن تطلقهن أو بعضهن وتأخذ غيرهن أبدا، وهذا إكرام لهن من الله تعالى لأنهن اخترن الله ورسوله كما تقدم في الآية ٢٩ فشكر الله لهن ذلك وكافأهن بالبقاء عند رسوله، ثم أكد على حبيبه التمسك بهن وعدم الزواج عليهن بقوله جل قوله «وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ» وذلك أن الرسول أراد أن يخطب أسماء بنت عميس بعد استشهاد زوجها جعفر بن أبي طالب فنهي عن ذلك «إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ» لعلمه أنه سيأخذ مارية القبطية التي يهديها له المقوقس عظيم القبط في مصر، ولذلك عددناها مع جملة نسائه آنفا «وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً»(٥٢) ولا وجه لقول من قال إن هذه الآية منسوخة بالآية قبلها وهي (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ) إلخ، وان النبي لم يمت حتى أحل له أن يتزوج من يشاء، لأن المقدم لا ينسخ المؤخر باتفاق علماء هذا الفن، وما احتج به القائل من أن ترتيب النزول ليس على ترتيب المصحف صحيح لكن لا قائل بأن آية (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ) إلخ نزلت بعد هذه الآية التي نحن بصددها، ولأن سياق التنزيل ينافيه وسياق النظم يأباه، كما أن ما احتج به من أن هذه الآية الأخيرة نسخت بالسنّة لا وجه له لأن السنة لا تنسخ القرآن قطعا، ولا يوجد ما يسمى سنة في هذا الشأن إذ لم يرد حديث صحيح فيه، ولو ورد وكان متواترا فلا يكون ناسخا، كما قدمنا توضيح هذا في الآية ١٠٧ من البقرة فراجعها. ويفهم من قوله تعالى (وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ)