للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنها لو حرقت لماتوا. والنار كالجنة لا موت فيها كما مر في الاية (١٣) من سورة الأعلى، وإنما خصّ الأفئدة حيث لا ألطف منها في الوجود، وألمها أشد من غيرها لأنها حساسة، فتتألم بأدنى أذى يصيبها حتى الخطرة، فكيف إذا أحاطت بها النار والعياذ بالله. قال صلّى الله عليه وسلم: إن النار تأكل أهلها حتى إذا طلعت على أفئدتهم انتهت، ثم ان الله تعالى يعيد لحمهم وعظامهم مرة أخرى. وهكذا دواليك، راجع تفسير الآية ٥٥ من سورة النساء في ج ٣ «إِنَّها» أي الحطمة تكون «عَلَيْهِمْ» أي جماعة الكفر كلهم، وذلك لأن النكرة إذا اختصت عمّت «مُؤْصَدَةٌ ٨» مغلقة مطبقة قال:

تحنّ إلى جبال مكة ناقتي ... ومن دونها أبواب صنعاء مؤصده

وقال الآخر:

قوما يعالج حملها أبناؤهم ... وسلاسلا ملسا وبابا مؤصدا

وذلك الإيصاد في «عَمَدٍ» غلاظ عظام من وراء أبوابها «مُمَدَّدَةٍ ٩» توصد عليها بها، فلا يمكن أن يفتح بابها، ولا يدخل عليها روح. وقرىء عمد بضمتين وبفتح العين مع كسر الميم مثل أرم وأرم وأريم، وعقم وعقم وعقيم، وهو كل مستطيل من حجر أو خشب أو حديد، وهو جمع عمود على غير واحد، أما ما يجمع على واحد فهو ما ينظم مثل رسل جمع رسول، وزبر جمع زبور، سبل جمع سبيل. وجاء بهذا اللفظ لأن العرب اعتادوا أن يضعوا أحجارا أو أعمدة مستطيلة وراء الباب لئلا تفتح بالدفع جريا على عاداتهم فيدخلون أطرافها بشعوب يجعلونها في ساريتي الباب من الداخل، وإن الأبواب القديمة التي رأيناها في حلب والشام ودرعا وتدمر وبصرى كانت توصد على هذه الطريقة. وفي جهتي الباب من الداخل ثقوب لإدخال العمد فيها، ومنها ما هو موجود حتى الآن، ولكن لا قياس بين الأحجار والعمد التي يجعلها الناس، وبين العمد التي يجعلها ربهم.

مطلب الكهرباء من الخوارق:

ويؤخذ من هذا لا من حيث التأويل، بل من حيث نفوذ النور ما أحدث

<<  <  ج: ص:  >  >>