للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعله وتركه، وقد عرف الخبيث أنه لا يمكن إغواؤه إلّا من قبل النّساء لأنهن من أوثق الخدع لصيد الأتقياء، ثم ذهب فتعرض لرجل وقال لأهله إن به جنونا انطلقوا به إلى برصيصا، فأخذوه إليه فدعا إليه بتلك الكلمات فبرىء من ساعته، وصار الخبيث يتعرض للناس ويرشد أهليهم لمراجعة برصيصا حتى تعرض لبنت الملك وقال لأهلها لا يبرئها إلّا برصيصا، اذهبوا بها إليه واتركوها عنده، فإذا عوفيت فردوها، فأخذوها إليه فبرئت، فأرادوا إبقاءها عنده لئلا يعود إليها الجنون، فلم يفعل، فجاءهم الخبيث وقال لهم ابنوا لها صومعة بجانب صومعته وضعوها فيها وقولوا له هذه أمانتك واجعلوها تشرف عليه حتى إذا عاد عليها ما بها دعا لها فتبرا، ففعلوا وتركوها فصار كلما انفتل في صومعته رآها فوقع في قلبه حبّها لما هي عليه من الجمال، فوجد الخبيث فرصة وصار يتعرض لها الفينة بعد الفينة وبرصيصا يدعو لها فتبرأ، ثم وسوس له أن يواقعها ويتوب، فلم يزل به حتى واقعها، فحبلت فقال له الشّيطان ويحك انفضحت اقتلها وتب، وقل لأهلها ذهب بها شيطانها، ففعل ودفنها ورجع إلى صلاته، فجاء إخوتها فسألوه عنها فقال لهم ذلك، فرجعوا فجاءهم الشّيطان بالمنام وأخبرهم بالقضية فلم يكترثوا، فوالى عليهم مجيئه، فانطلقوا فرأوا الأمر كما رأوا، فأنزلوا برصيصا من صومعته مكتفا وهدموا صومعته وعلقوه فجاء الخبيث وقال أنا الذي علّمتك الكلمات اسجد لي وأخلصك، فسجد له بطرفه فقال له كفرت بربك إني بريء منك، إني لست مستحقا للسجود، إني أخاف الله من أن أشرك أحدا في عبادته. قالوا ومنذ ذلك اليوم طمع أهل الفسق بالرهبان والأحبار ورموهم بالبهتان حتى كان من أمر جريج الرّاهب ما كان فبرأه الله تعالى. وخلاصة قصته أن أمه نادته وهو في صلاته فلم يرد عليها، فجاءته من الغد ونادته فلم يرد عليها فقالت اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات، وكانت بنو إسرائيل تعجب من عبادته فقالت لهم الباغية إن شئتم فتنته لكم، قالوا نعم، وهذا من جملة حسدهم، قاتلهم الله، فبدل أن يعملوا عمله ويتبركوا بأمثاله أرادوا ردّه عن هداه ليس إلّا حسدا أخزاهم الله، فذهبت تلك المومسة ومكنت من نفسها راعيا فحملت منه، فلما ولدت قالت هو من جريح، فأنزلوه من صومعته وهدموها

<<  <  ج: ص:  >  >>