وصلاته، وزاد في رواية غيره، كان يصوم من الشهر حتى نقول لا يفطر منه شيئا، ويفطر حتى نقول لا يصوم منه شيئا. فهذا حال رسول الله أيها الناس وهو على ما هو عليه من الرفعة والأمن من اليوم الآخر، فكيف أنتم هل أديتم بعض حقوق الله وهل قمتم ببعض واجباته أو واجبات خلقه أو أتيتم ما فرضه عليكم؟
كلا بل لا زلتم على ما أنتم عليه من الضعة غافلين عما يراد بكم في ذلك اليوم العظيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. قال تعالى «وَقُلْ رَبِّ» حذف منه ياء النداء أي يا محمد قل في دعائك إذا دعوتني يا رب «أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ» في كل مكان أدخل فيه وكل زمان أصير إليه وكل أمر ألج فيه من أمور الدنيا والآخرة، وقرىء هنا وفيما بعد مدخل بفتح الميم إذ يجوز أن يكونا اسمى مكان وانتصابهما على الظرفية ويجوز أن يكونا مصدرين منصوبين بفعل من نوعهما «وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ» كذلك على العمومية في الجملتين، لأن جعلهما عامتين أوفق لظاهر الآية لفظا، وقد خصهما بعض المفسرين في القبر أو في مكة أو المدينة أو الجنة أو في تعاطي المأمورات واجتناب المنهيات وغير ذلك دون استناد لدليل يفيد التخصيص، مع أن سابق اللفظ ولا حقه مما تقدم عن هاتين الجملتين أو تأخر لا يختصان بمكان أو زمان دون زمان ومكان آخرين، والمعنى يا رب أدخلني إدخالا مرضيّا على طهارة وزكاة في كل أموري، وأخرجني إخراجا مرضيّا ملقى بالكرامة آمنّا من الملامة في جميع أحوالي، ويؤيد معنى العموم قوله جل قوله «وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً» ٨٠ على من خالفني ولم يؤازرني وارزقني حجة قوية على من يحاججني وبرهانا مؤزرا على من يخاصمني في أمرك، ودليلا قاطعا على من يجادلني في دينك. هذا، وما قيل إن هذه الآية نزلت حينما أمر حضرة الرسول بالهجرة وطلب إخراجه من مكة آمنا من أذى قومه الذين كلفوه بالخروج، أو حينما خرج من الغار سالما قال وأدخلني المدينة آمنا أو وأدخلني مكة فاتحا أو غير ذلك، فقيل لا مستند له واحتمال المعنى لهذا لا يعني أنها نزلت فيه، وقد دعا صلّى الله عليه وسلم وأجاب الله دعاءه بقوله (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) الآية ٦٧ من المائدة، وقوله تعالى (أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)