تفسير الموج المذكور في الآية من قبلهم في البشر أولى من تفسيره فيما بينهم، لأن سياق ما قبلها وسياق ما بعدها من الآيات يدل على هذا، تأمل. واعلم أن كل أمة منهما أربعة آلاف أمة لا يموت الواحد منهم حتى ينظر ألفا من صلبه، وهم أصناف مختلفة باللون والطول والعرض والشكل، أقوى من كل حيوان، يأكلون من يموت منهم، وإذا خرجوا أكلوا الحيوانات، وشربوا المياه، وعاثوا في الأرض، ثم يهلكون. روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وعقد بيده الشريفة تسعين (وذلك أن تجعل رأس السبابة وسط الإبهام وهي من موضوعات الحساب) . وعنه قال في السد يحفرونه كل يوم حتى إذا كادوا يخرقونه قال بعضهم ارجعوا فستحفرونه غدا، قال فيعيده الله كأشدّ ما كان، حتى إذا بلغوا مدتهم وأراد الله أن يبعثهم على الناس قال الذي عليه ارجعوا فستحفرونه غدا إن شاء الله تعالى، قال فيرجعون فيجدونه على هيئته حين تركوه، فيخرقونه، فيخرجون على الناس، فيستقون المياه، ونفر منهم الناس لشدة وحشيتهم، ولأنهم يأكلون ولا يشبعون، ويشربون ولا يروون، لا يخلص منهم إنسان ولا حيوان ولا حوت، يفسدون كل ما عثروا عليه، فيختفي الناس منهم ليسلموا من أذاهم، لأنهم لا يتركون شيئا إلا أكلوه أو أفسدوه، حتى إنك لترى الأرض عارية من الشجر والنبات. هذا وقد جاء في بعض القصص أن السدّ هو الموجود الآن المشاهد في ناحية الشمال فيما بين الجبلين في منقطع أراضي الترك، وهذا لعمري غير صحيح، لأنه من مجرد كلس والله أخبرنا بأن هذا السد من حديد ونحاس، وما يقال إن الحديد والنحاس تفتنانهما رطوبة الأرض لا جدال فيه، وإنما الأخذ والرد بالعثور عليه ليس إلا، وان الذي حدا بهم لهذا القول عدم العثور عليه، لأنهم على زعمهم أحاطوا بالمعمور كله فلم يجدوه، على أنهم يعترفون بأنهم لم يكشفوا القطبين الشمالي والجنوبي، وإذا لم يكشفوهما لا يليق بهم أن يقولوا أحطنا بالأرض أو بالمعمور منها، إذ قد يكون فيهما أو وراءهما، ويقول ابن خلدون في مقدمته إن السدّ وسط جبل قوقيا المحيط الكائن في القسم الشرقي من الجزء التاسع في الإقليم السادس، ولهذا فإن القول