مطلع الفجر إلى طلوع الشمس، والرواح مثله من اصفرار الشمس إلى غروبها راجع الآية ١٢ من سورة سبأ المارة. قالوا وكان يسير في الريح الليّنة إلى العراق فيقيل ببلخ وتخلّل بلاد الترك وجاوزها إلى الصين، ثم إلى قرب مطلع الشمس على ساحل البحر حتى أتى إلى السند وجاورها الى مكران وكرمان في أرض فارس، وغدا منها فقال في بكسكى، ثم راح الى الشام، وكان مستقره تدمر، وفي ذلك قال النّابغة:
ألا سليمان إذ قال المليك له ... قم في البرية فاصددها عن النفد
وجيّش الجن إني قد أذنت لهم ... يبنون تدمر بالصفاح والعمد
قالوا وسبب إعطائه البساط هو غضبه على الخيل التي ألهته عن الصلاة وعقره لها عقوبة لنفسه بحرمانها منها وعقوبة لها لتسببها لفوات صلاة العصر، وكان في شريعته جواز عقوبة المتسبب، فأبدله الله تعالى خيرا منها وهو البساط، قالوا وكان عليه السلام يحب الغزو فلا يمر بناحية إلا غزاها، وأذل أهلها وملكها، وكان يمر ببساطه وعظمته على المزرعة فما يحركها ولا يثير ترابها ولا يؤذي طائرا، راجع الآية ١٥ فما بعدها من سورة النمل في ج ١، والآية ١٠ فما بعدها من سورة سبأ المارة، وفي هذا وذاك يبيّن أن وجود الجن وإعمارهم الأرض ثابت بالنص فلا يجوز إنكار وجودهم بوجه من الوجوه، لأنه كفر صريح لمخالفته القرآن، وعدم رؤيتنا لهم في الدنيا يقابله عدم رؤيتهم لنا في الآخرة، راجع الآية ٢٧ من الأعراف في ج ٢ وبقية قصة عظمة ملك سليمان مفصلة هناك، وفي أحكام سليمان عليه السلام ما أخرج البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول كانت امرأتان معهما ابناهما جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت لصاحبتها إنما ذهب بابنك، وقالت الأخرى إنما ذهب بابنك. فتحا كما الى داود عليه السلام فقضى به للكبرى فخرجتا على سليمان فاخبرتاه، فقال ائتوني بسكين أسقه بينكما، فقالت الصغرى لا تفعل يرحمك الله هو ابنها، فقضى به للصغرى، وهذا مما يدل على أن حكمه بالاجتهاد لا بالنص بالقصتين المذكورتين. ونقلوا عنه قصصا أخرى لم نثبتها لعدم التثبت من صحتها، وهناك قصة رابعة نقلها صاحب الإبريز وهي أن امرأة شهد عليها رجلان بأنها مكنت الكلب من وطئها فحكم برجمها، وأن سليمان عليه السلام استشهد