للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لله وإيمانك به وتصديقك نبوتي، قالت بلقيس: يا نبي الله نحن عرفناك نبيا «وَأُوتِينَا الْعِلْمَ» بكمال قدرة ربك وصحة نبوتك «مِنْ قَبْلِها» من قبل هذه المعجزة بما شاهدناه من أمر الهدهد، وما سمعناه من رسلنا إليك من الآيات الدالة على رسالتك لهداية الخلق «وَكُنَّا مُسْلِمِينَ» ٤٢ لك مؤمنين بربك، مصدقين نبوتك من ذلك الوقت، والا لما جئنا منقادين خاضعين طائعين لأمرك مخبتين لربك لكان لنا معك موقف غير هذا، ولرأيت منا العجائب، وان هذه الجيوش التي جئتك بها نزر يسير من شيء كثير، والهدية شيء حقير من شيء عظيم لا تذكر ولكان الكلام كلاما والهدية زؤاما، فبش سليمان من قولها هذا على ما هو عليه من التعريض بقوتها وغناها وكثرتها، لأنه أنتج هدايتها للاسلام «وَصَدَّها» عن «ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ» وهو التمس بدعوته لها، وحال بينها وبين عبادتها لها «إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ» ٤٣ خارجين عن طاعة الله راسخين في الكفر عريقين به متجاوزين حدود الله، لأنها نشأت بين قوم يعبدون الشمس، ولم تعرف غير عبادتهم لها، وهذه الجملة تعليل لسبب عبادتها ثم تقدمها سليمان وجلس على سريره وأمر بإدخالها عليه بعد أن أجريت لها مراسيم الاستقبال والاستطلاع على بعض ما خول الله به عبده سليمان عليه السّلام، فجاءت محفوفة بالإكرام والتبجيلِ يلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ»

صحن الدار الذي يمر به إلى سرير سليمان، وكان معمولا من الزجاج يجري فيه الماء وفيه أنواع من دواب البحرَلَمَّا رَأَتْهُ»

واقعا بين السرير ومدخل القصر ولا بد لها من أن تجوزه لتصل إلى سرير سليمانَ سِبَتْهُ لُجَّةً»

من الماء العميق وإنما عمل لها هذا ليختبرها، كما عملت هي بالغلمان والجواري والدرة لتختبره، إلا أنه لما كان عمل الصرح محكما جدا، إذ كان الماء جاريا في الزجاج على قدره، بحيث لم يترك في المجرى خلاء ما ولذلك ظنته جاريا بنفسه دون زجاج، والا لعرفته، وقيل ان الشياطين خافت أن يتزوجها سليمان فتفشي اليه أسرار الجن، لأن أمها منهم، فإذا أخذها وولدت له لا ينفكون عن خدمته وذريته من بعده، فقالوا له إن في عقلها شيئا وان رجليها كحافر الحمار، وهي شعراء الساقين، وإنه لما اختبر عقلها وأعجبته أراد أن يختبر بقية أوصافها التي

<<  <  ج: ص:  >  >>